ماجد توبه
معركة عض اصابع وتحدي ارادات تشهدها الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، بين المقاومة الفلسطينية وبين الاحتلال الاسرائيلي، في ربع الساعة الاخير من هذا العدوان الهمجي، فيما كل طرف يراهن اليوم على اوراق مختلفة بين يديه لحسم نتيجة الحرب.
الاحتلال الاسرائيلي شبه استنفذ بنك اهدافه في قطاع غزة، وفشل في انجاز كل الاهداف الرئيسية للعدوان، من استئصال للمقاومة وضرب رموزها والقضاء على انفاقها وكسر قدرتها على الاستمرار بالمقاومة، وعدم القدرة على تحرير الاسرى الاسرائيليين، والفشل في تنفيذ التهجير القسري للغزيين عن ارضهم التي انزرعوا فيها شهداء وجرحى ومحاصرين.
لم ينجح الاحتلال سوى في مراكمة المجازر ضد المدنيين العزل والتحطيم والتدمير لسبل الحياة في غزة بعد ان اخذ شيكا مفتوحا من الولايات المتحدة والغرب لتحقيق اهدافه المستحيلة، لكن هذا الشيك المفتوح بات يضيق مع الانقلاب الواسع في الراي العام الامريكي والعالمي، ومع محاولة نتنياهو الالتفاف على الرؤية الامريكية للصراع بمحاولة توسيع ساحة الحرب للاقليم وجر اميركا لها لحسابات شخصية للعصابة الحاكمة في تل ابيب، فيما تاتي مقاضاة اسرائيل عن جرائم حربها امام محكمة العدل الدولية لتكمل الخناق على اسرائيل وداعميها سياسيا ودبلوماسيا وتضغط باتجاه وقف العدوان.
اما المقاومة الفلسطينية البطلة، فهي تسير وفق استراتيجيتها المرسومة بحسم وصبر وعزم لا يلين، رغم فداحة الخسائر البشرية والمادية في غزة، فهي تراهن على الصمود والثبات واستمرار الضرب لقطعات الاحتلال وجنوده، وعدم تمكينه من الوصول لاسراه، والرهان على تعمق الاثار الكارثية للحرب على المجتمع الاسرائيلي، نزوحا وخسائر اقتصادية وانقساما داخليا وخسارة للمزيد من التاييد العالمي.
نعم، هي معركة عض اصابع في الساعات الاخيرة من العدوان، ورغم كل التضليل الاعلامي والسياسي الاسرائيلي بمحاولة تقديم رواية المنتصر والواثق من تحقيق اهدافه بنهاية اليوم وحديثه عن اليوم التالي للحرب في غزة ضمن حربه النفسية.. كل ذلك يتحطم ويتكشف تضليله مع استمرار المقاومة وفشل الاحتلال بتحرير اسراه، بل وحتى فشله باقناع نصف مليون نازح اسرائيلي بالعودة الى مناطقهم بغلاف غزة وشمال فلسطين المحتلة.
والمقاومة، من جهتها، واضحة وثابتة على اهدافها ومواقفها، وليس هناك ما تخسره الا بالانصياع لشروط اسرائيل والتسليم لها، لا خيار امامها سوى الصمود والثبات على مواقفها، والاستمرار بعملياتها باستهداف قطعات الاحتلال التي غرقت في وحل غزة، والاصرار على أهدافها الاستراتيجية المعلنة: وقف العدوان وتبييض المعتقلات الاسرائيلية من جميع الاسرى الفلسطينيين في عملية تبادل للاسرى.
الوقت وإطالة أمد الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني لا يصب في صالح اسرائيل، وان كان يصب فقط بصالح نتنياهو المازوم وعصابته، الامر الذي باتت تقتنع به الولايات المتحدة بحسب ما يتسرب من معلومات في الصحافتين الاميركية والاسرائيلية، ما يتوقع معه ان تترسخ الخلافات بين نتنياهو وادارة بايدن حول ادارة الصراع، وبما ينعكس سلبا على حكومة نتنياهو واستمراره في الحكم، فامريكا تملك من الاوراق الكثير للتاثير على السياسة الداخلية لاسرائيل.
نعود لنقول.. أن النصر هو صبر ساعة، وكلما طالت الحرب خسرت اسرائيل الكثير من تماسكها الداخلي، وفقدت المزيد من التاييد الغربي، وخسرت المزيد والمزيد من الارواح بين جنودها ومجرميها في غزة والضفة، وتعمقت خسائرها الاستراتيجية وفقدت الامل باستعادة اسراها.