نبيل الكوفحي
الخوف غريزة انسانية، تختلف من شخص لآخر، ومن مرحلة عمرية لأخرى؛ فتجد الخوف عند الاطفال مرتفعًا. والخوف سلوك مرتبط بالحاضر والمستقبل بغير الحزن الذي يرتبط بالماضي.
الانسان المسلم المؤمن ينخفض الخوف لديه لادنى مستوياته، بل يزول عند البعض مما يدفعه للتقدم والجهاد، وذلك يعود لسببين؛ الايمان بالقضاء والقدر ، مصداقا لقوله تعالى ( قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا)، وثانيهما الايمان باليوم الاخر والسعي للفوز بالشهادة.
قوله تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) يدل دلالة واضحة ان الاثر الاول للقوة المستطاعة هي ارهاب اعداء الله. قوله تعالى( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ على حياة) جاء في وصف اعدائنا المحتلين، مما جعل الله يوضح ادواتهم لتجنب اثر الخوف حيث قال فيهم ( لَا يُقَٰتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ).
جاء بالحديث الشريف (نصرت بالرعب مسيرة شهر)، فالمسلمون لا يهابون الموت ويتمنون الشهادة. ففي معركة مؤته، وقف عبد الله بن رواحة، وقال: يا قوم والله إن الذي تكرهون للتي خرجتم لها تطلبون الشهادة، وما نقاتل بعدد ولا قوة ولا كثرة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة، وقاتل المسلمون وانتصروا عليهم.
صناعة الرعب في قلوب الاعداء مطلوبة، فهذا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يأمر المسلمين حينما اقتربوا لفتح مكة ان يحملوا مشاعل النار ليلا ليرعبوا مشركي قريش، وهاهو سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه في معركة مؤتة يبدل اماكن وحدات الجيش فيعتقد الروم ان مددا عظيما قد جاء لجيش المسلمين فيدخل الرعب في قلوبهم، والامثلة كثيرة في معارك المسلمين.
لذلك كان الفرار محرما لما يسببه من خوف ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم )، وعليه حذر من الاشاعة التي تبعث على الخوف.
أحسن المجاهدون في غزة صنعا في فهمهم لطبيعة عدوهم واستخدامهم تكتيكات قتالية تبعث على الخوف ، ونجحوا بتطوير خطاب واعلام اثر كثيرا على معنويات عدوهم. ولعل الصمود بحد ذاته احد اهم الادوات في نشر الخوف عند عدوهم.
نستغرب ممن يؤمنون بالله واليوم الاخر من ابناء جلدتنا خوفهم من العدو المحتل معللين ذلك بفارق العدد والعتاد، وما علموا ان الله قال ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن). ان ادراكنا لحقيقة عدونا ونقاط ضعفه ومنها الخوف عنصر مهم في هزيمتهم بإذن الله.
والى سبب اخر من اسباب النصر باذن الله.