* مساد : هناك حركة عالمية توجهت للمنطقة العربية هدفها صنع جيل غير قادر على التفكير
* مناهجنا قبل 40 عاماً كانت أفضل
* الدولة أكثر ما تخشاه هو تعليم التفكير
* سرحان : يجب أن يعمل النظام التربوي على صقل شخصية الطالب
* الطالب يعاني من العبء الكبير في الحصص اليومية
* الخالدي : المناهج فشلت في زرع ثقافة السلام لدى الاطفال
* نديم : يجب تمكين الطالب من صناعة الوعي والتفكير
صدى الشعب – فايز الشاقلدي
أوصى منتدون وخبراء تربويون بضرورة العمل على تهيئة المعلمين والمعلمات وتطوير قدراتهم وصقل مهاراتهم وتدريبهم قبل التعيين وإعادة النظر بتطوير المناهج بما يُمكن الطلاب من التعامل والتفاعل مع مناحي الحياة، الأمر الذي يجعل وصول الطالب إلى مراحل متقدمة وكبيرة في جميع مراحله العلمية والعملية ومهاراته الحياتية.
ودعوا في الندوة التي عقدتها صحيفة (صدى الشعب) حول ” محورية التعليم في تشكيل الوعي ” ، إلى ضرورة إلغاء الثانوية العامة ” التوجيهي ” وإيجاد بدائل تقييمة أخرى يحتسب من خلالها جهد الطالب وتراكم البناء المعرفي لديه على مدى سنواته الدراسة ، إذ أن هذا التراكم المعرفي يعتبر رافعة للتعليم والتدريب منوهين إلى وجوب تحسين الظروف المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمعلمين ، والكوادر العاملة في قطاع التربية والتعليم.
وأكدوا أن المعلم رافعة أساسية مهمة للحياة الديمقراطية والسياسية والاجتماعية والثقافية وفي صناعة الوعي لدى المواطن والطالب والأسرة والمجتمع.
وشارك في الندوة التي أدارها الزميل الإعلامي نور الدين نديم ، كل من الخبير التربوي الدكتور محمود مساد ، والاستشارية التربوية الدكتورة ميرفت سرحان ، ورئيس هيئة التحرير حازم الخالدي ، ومدير التحرير محمد قطيشات ، والزملاء الصحفيين : فايز الشاقلدي ، ورغد الدحمس ، سليمان ابو خرمة .
وطالب المشاركون بضرورة تطوير المناهج لما لها من دور كبير في نماء المجتمع وتطوره في مختلف مجالات الحياة، وكحاضنة للمجتمع ، معتبرين أن نجاح وتطوير المناهج خطوة أولى مرهونة للأجيال القادمة وتفاعلهم بما يكتسبون من مهارات ، وهذه المهارات هي نقطة التحول باتجاه التعليم النوعي القائم على التعليم الذي يرتكز على “التفكير ” ، معولين على أن التعليم القائم على المهارات الفكرية يقود النظام التربوي إلى مراحل متقدمة ، كونه التعليم يرتكز على النوع وليس الكم ، منوهين إلى التركيز على مهارات التفكير والحداثة والجانب الوطني والقيم.
ودعت الندوة إلى ضرورة صقل شخصية الطالب وتنمية الوعي المجتمعي بقضايا الوطن والتحديات التي يواجهها ، مشيرين إلى أن الإنسان صاحب الثقافة والوعي يستطيع المشاركة في تخليص المجتمع من السلبيات، وبناء مجتمع صالح قادر على مواجهة الصعاب .
ودعا المشاركون الجهات المعنية في وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي إلى إعادة تدريس مادة القضية الفلسطينية في جميع المراحل التدريسية والجامعات ، وكذلك تدريس مشروع التربية الاعلامية في كافة الصفوف وأن تكون مساقات ومتطلبات جامعية خصوصاً في ظل الظروف الراهنة والمحيطة ، وأن يشرف عليها الخريجون من كليات الإعلام والصحافة .
وبلغة الأرقام كشف الخبير التربوي الدكتور محمود مساد ، أن عام 2023 أظهر النتائج القرائية أن نسبة 57 % ضمن فئة (فقر التعليم)، ويصل إلى 62 % وهذا يدل على أن الطالب لا يستطيع أن يقوم بفهم وقراءة سطرين ، منوها أن هناك فجوة في التعليم والطالب الذي يجلس على مقاعد الدراسة بعد 12 عاماً ومحصوله الفكري ومهاراته لا تعادل صف ثامن ما يعادل نسبة 7.7 % أي أقل من نهاية سنة دراسية .
وبين الخبير التربوي مساد ، تراجع مستوى التعليم الأردني وفقاً لما كشفته الاختبارات الدولية ( بيسا و بيرلز) التي صدرت عام 2023. و( تقويم جودة التعليم وغيرها من التقويمات والاختبارات الدولية) ، وأن الاهتمام بالنظام التربوي قد تراجع على سلّم أولويات الدولة ، وأن الإنسان الأردني لم يعد أغلى ما نملك، ولا أنه رأس المال البشري، بدليل أن التخطيط لعمليات التحديث السياسي والاقتصادي وحتى الإداري قد سبقت جميعها عمليات تحديث النظام التربوي المأمولة في واقع الفعل .
وقال د. مساد ،إن مكوّنات النظام التربوي الرسمية ( وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية، ووزارة الثقافة، ومؤسسات الإعلام )، وغيرها من مؤسسات غير رسمية لها إسهامات مباشرة، أو غير مباشرة في إعداد الإنسان وتمكينه من العيش مستقبلاً بنجاح وتفاعل مع محيطه تأثرا وتأثيرا، وما زالت تعمل جميعها على شاكلة جُزُر معزولة عن بعضها، مع أن المتلقي لخدماتها واحد وهو الطالب المتعلم.
ومن أجل توصيف المشكلة أشار مساد ، إلى أن الاختبارات الدولية تهدف إلى الكشف عن مستوى إنجازات الطلبة من المعارف، والمهارات القائمة على التفكير عبر مستوياته المختلفة، بوصفها هدف التعليم الرئيس، إلا أن المشكلة تكمن في هدف التعليم الأردني في واقع الحال الذي يسعى إلى تمكين الطلبة من حفظ المحتوى التعليمي غير المقصود في الاختبارات الدولية، وكأن الطريق الذي نسلك في تعليمنا الأردني لا يقود إلى تحقيق المطلوب من أسئلة الاختبارات الدولية.
ونوه أن ما يزيد في عمق المشكلة، ما كشفته بيوت الخبرة العالمية (المنتدى الاقتصادي العالمي، دافوس) عن مستوى فجوة التعليم في الأردن، والتي بلغت ( 7,7 سنة )، وهذا يعني أن الطالب الأردني الذي أنهى 12 سنة على مقاعد الدراسة حصّل من المعارف والمهارات ما يعادل نهاية الصف الثامن ، وهذا يعني أن المطلوب من الطلبة في اختبار بيسا في العلوم، والرياضيات، والقرائية في الدول المتقدمة في الصف السابع ( 15 سنة )، يطلب من الطالب الأردني الذي لا يملك من المعارف والمهارات إلا ما يعادل صف خامس.
وكشف أيضا أن نتائج اختبار ” بيرلز ” عن ترتيب الأردن في القراءة لطلبة الصف الرابع، وهو ما يسمى ” فقر التعلم ” والذي يعني فيما إذا كان ” الطالب يستطيع أن يقرأ فقرة أوعدة جمل ويفهمها “، حيث تبين أن نسبة فقر التعلم لطلبة الأردن هي 52% – قبل كورونا وبعده -، وتبين أيضا في نتائج الاختبارالتي صدرت في شهر أيار عام 2023 .
وبين مساد أن الاردن قد تراجع أكثر بكثير لدرجة أننا أصبحنا في ذيل قائمة دول المقارنة بنسبة قد تزيد عن 57%. وهذا يجعل من الطالب الذي لا يُحسِن القراءة أن لا يفهم المطلوب من الأسئلة في العلوم، والرياضيات، وغيرها من المواد المكتوبة باللغة العربية.
وفي معرض حديثه أوضح مساد ، أن التعليم يعد أحد أهم الركائز الأساسية التي تعتمد عليها كل دولة من أجل المضيّ قدُمًا، ويتوافر في العالم عدة تقويمات تصنيفية خاصة بالتعليم، وقد اعتمد في هذه الدراسة مؤشر(دافوس) لجودة التعليم لعام 2023. ويعدّ مؤشر دافوس العالمي هو أحد الإحصاءات الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي في (دافوس) والتي تستخدم مقياسا لجودة التعليم في مختلف الدول على المستوى العالمي. ويشارك الأردن في تقويم جودة التعليم معظم دول العالم استنادا إلى جملة من المعايير التي تكوّن مفهوم الجودة شكلا ومضمونا.
وقال لمسنا أن واقع التعليم في الأردن قبل جائحة كورونا، وفي أثنائها، وما بعدها لم يختلف كثيرا في المؤشرات العامة الدالة على مستواه، وتبين لنا أننا لم نكن قبلها بخير، ولم نكن خلالها بوضع يستوعبها ويتكيف معها، وإنما كانت مرحلة كورونا كاشفة لواقع التعليم المتراجع، ولم نستطع حتى الآن ( 2023 ) أن نضع البرامج والمشاريع الفاعلة لتحسين الوضع القائم، وإن تم وضعها من أي جهة أخرى فإننا لا نُحسِن إدارتها ومتابعتها، وتحقيق أهدافها بالدرجة التي خطِّط لها. وجاءت نتائج هذا التقويم مُحرِجةً جدا للأردن ونظامه التعليمي، حيث احتلت الترتيب الخامس عربيّا، والترتيب 45 عالميّا، الأمر الذي كرّس تراجعه المستمر على معايير التقويم جميعها.
* حرب غزة أثبتت فشل المناهج في صناعة السلام
ورداً على إستفسارات رئيس هيئة التحرير حازم الخالدي ، حول صحوة غزة والتحول باتجاه القضية الفلسطينية وتشكيل الوعي لدى طلبة المدارس ودور المناهج في صناعة ثقافة السلام وثقافة المقاومة ، أكد مساد أن المناهج قد فشلت في صناعة السلام لدى الطلبة ، وأن ما جرى في غزة خارق للعادة ، وما جرى في غزة سيدرس في جمع أنظمة التعليم في العالم .
وأكد أن النظام التربوي هو أداة الدولة في صياغة أفراد مجتمعها، وتشكيلهم بالشكل، واللون، والطعم وغير ذلك مما تريدهم عليه، فإن كان هذا الشكل لا يحقق لها أهدافها نحو المنعة والازدهار، فيترتب عليها حينئذ أن تقف وِقفة تأمّل، تراجع بها الأسباب والتحديات التي حالت دون ذلك من جهة، والتبصّر الحكيم بنوع شخوص القيادة وكفاياتهم، وأجنداتهم الخفية من جهة أخرى، وتقرر فيما بعد نوع الطرق الكفيلة بصحوتها، وسبُل نهضتها تنظيما،وتخطيطا، وعملا؛ لتحقيق منعتها وازدهارها.
وأكد مساد أن المناهج التربوية الحالية لا تخدم الوعي الوطني وخالية الدسم ومتعلمينا من المدعين بلا قيم ، منوها أن المناهج قبل 40 عاما كانت أفضل، وقد ابتعدت في المرحلة الحالية نوعاً ما عن هوية الأمة والتحديات التي تواجهها وأكثر ما تخشاه الدولة هو تعليم التفكير .
* نجاح الحركة الصهيونية استهدفت قيم الانسان العربي
ويرى مساد أن الحركة الصهيونية قد نجحت في تحقيق أهداف مشروعها الاستراتيجي، ونواته الفاعلة من يهود العالم المشرّدين في مشارق الأرض ومغاربها، وذلك باستهدافهم قيَم الإنسان العربي وفكره وتطلعاته،وفي تحقيق أهدافها في أن يكون الانسان غير واثق بنفسه ومهزوز داخلياً ، إلى جانب نجاحهم في هدفهم العسكري المقيت باحتلالهم مساحة ارتكاز يقيمون فيها في فلسطين العربية من دون أي حق مشروع لهم، وبدعم كامل من حلف قوى الشر العالمية، وطواغيت المشرق والمغرب، وأرادوا لهذا الاحتلال أن يكون رأس حربة لهم تحمي مصالحهم الاستعمارية، المناهضة للحق والعدل؛ فضلا عن أنهم سئموا منهم كونهم الأكثر نتانةً وفسادًا وعَفَنًا على وجه هذه البسيطة منوهاً ، أن الحركة الصهيونية في عملها الدؤوب قد تفوقت على الإنسان العربي بفكرها وأيديها مباشرة في بعض الأحيان، ومن خلال المتطوعين الطامحين بالكراسي .
الدكتورة ميرفت سرحان
بدورها قالت الاستشارية التربوية الدكتورة ميرفت سرحان ، أن الطالب يتحمل عبئاً كبيرا وضغط دراسي لا يستطيع النظام التربوي وحده أن يشكل لدى الطالب وعياً ، وأكدت على وجوب النظام التربوي أن يعمل على صقل شخصية الطالب بشكل صحيح ، بحيث يعرف الطالب أين يتجه في مساره التعليمي وضمن مفاهيم وأسس تربوية صحيحة ، تعزز من القيم الإيجابية في المجتمع بعيدا المفاهيم التي تدعو إلى السلبيات .
وبينت سرحان أهمية المرشد التربوي داخل المدارس لما له من دور في دراسة مـشكلات الطلبـة التربويـة والـصحية والاجتماعية والسلوكية من خلال المعلومات التي تتصل بهذه المـشكلة سواء كانت المعلومات متصلة بالطالب نفسه أم بالبيئة المحيطة لغرض تبصيره بمشكلته ومساعدته علـى أن يفكر في الحلول المناسبة لهذه المشكلة أو المشكلات التي يعـاني منهـا واختيـار الحـل المناسب الذي يطرحه لنفسه.
وفيما يتعلق بواجبات المرشد التربوي أوضحت سرحان ، إذ عليه أن يجمع المعلومات عن الطلبة ثم ينظمها من خلال سجل الطالب الإرشادي، ويقوم بإجراء مقابلات فردية للطلبة، وتقديم استشارات لهم ومقابلة أولياء الأمور ، مشيرا إلى المشكلات التي يواجهها المرشد التربوي في عمله وأن هناك اكثر من جهة تقوم بالتدخل بعمله .
وشددت الدكتورة سرحان على ضرورة بناء شخصية الطالب وتنمية قدراته بالشكل الصحيح وضمن أسس علمية بما يسهم في زيادة مفاهيم الادراك والوعي لدى الطالب، مؤكدة على دور المدرسة في الصاق الطلبة بقضاياهم الوطنية.
* عملية “طوفان الاقصى ” أحيت القضية الفلسطينية
وفي معرض الحديث قال مساد، إن عملية طوفان الأقصى أحيت القضية الفلسطينية على مستوى العالم ولم تقتصر على الدول الإسلامية والعربية فقط.
وأضاف مساد ، أن واجبنا إدماج تاريخ ومفاهيم القضية الفلسطينية في كل مناهجنا المدرسية والجامعية بشكل أعمق، لتبقى قضيتنا الأولى عبر الأجيال.
وأردف أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يستفز أنظمتنا دائما بتصريحاته حول سيطرة “إسرائيل” وقوتها، مما يجب الرد عليه بتطوير مناهجنا والتركيز على عملية طوفان الأقصى والدروس الكثيرة والعبر المستفادة منها.
وأكد مساد على وجوب التركيز على ضعف الاحتلال وهشاشة نظامه وجيشه، بعد أن كنا نتصوره مارد وتبين أنه من ورق.
وأفاد أن مناهجنا يجب أن تعمّق القيم الأصيلة لدى طلابنا بتاريخنا الطويل بالشجاعة والبسالة والاقدام والاعتزاز بالنفس والكرامة