محمود الفطافطة
يواجه الأردن تحديات غير مسبوقة، خاصة الاقتصادية وما نجم عنها من ارهاصات تمثلت بتفاقم معدلات البطالة، ومستويات الدين العام وارتفاع نسب البطالة والفقر والتأثيرات التي ما زالت دول المنطقة تواجهها جراء جائحة كورنا، ومجموعة الأزمات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك التي جلبتها العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، والواقع الجيوسياسي للمملكة الذي فرض تحديات كبيرة عليها، بفعل الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها بعض دول المنقطة، وتداعيات العدوان الغاشم على قطاع غزة وتصاعد وتعمق آثارها .
تلك الظروف لم تثني المملكة عن المضي قدمًا بعملية الإصلاح السياسي والتي هي مستمرة وأصبحت متجذرة وأساسها تمكين المواطنين من المساهمة الفاعلة في عملية صنع القرار وتشجيعهم على المشاركة السياسية سواءً بالانتساب للأحزاب أو المشاركة في الانتخابات، ناهيك عن أن التجربة الحزبية الأردنية عريقة منذ بداية تأسيس الإمارة وصولا إلى الدولة العصرية الحديثة .
تعزير قنوات التواصل من خلال اللقاءات العديدة بين الأحزاب والمواطنين، خاصة فئة الشباب، كانت وما تزال العنوان الأبرز وجاءت ضمن التوجه الوطني الذي تشهده المملكة لدعم مسار التحديث السياسي الذي يمثل فيه العمل الحزبي حجر الزاوية ونشر الثقافة الحزبية تمهيدًا لحياة حزبية يكون لها دور في البرلمان المقبل، إضافى إلى تكثيف الأحزاب نشاطها مؤخرًا، عبر عقد ندوات وتنظيم العديد من النشاطات الميدانية، في إطار الاستعدادات للانتخابات التشريعية المقبلة ولتعزير الانخراظ بالعمل الحزبي لاسيما من فئة الشباب الذين يرسمون معالم الحاضر ويجسدون المستقبل.
ولكن وأمام تكثيف الجهود عند بعض الأحزاب للتوعية بأهمية الحياة الحزبية، وتعزير البيئة الجاذبة لممارسة العمل الحزبي البرامجي، فإنه لا بد من الاعتراف بان حاجز الخشية من ممارسة العمل الحزبي لا يزال قائمًا ما يؤكد أهمية أن تكون هنالك استراتيجية واضحة لكسر حاجز الخوف أو التردد عند الشباب، لضمان مشاركتهم الفاعلة في الحياة السياسية والحزبية.
ويمثل حزب إرادة نموذجًا رائدًا للأحزاب النشطة والتي تنفذ برامج واقعية تستهدف استقطاب الشباب وتعزيز انخراطهم في العمل الحزبي، وإشراكهم في تحديد أولويات وبرامج الحزب، وتخريج قيادات وطنية شبابية ترقى لتحقق الرؤى الملكية السامية التي تنطلق من أهمية الشباب كشركاء أساسيين وفاعلين في بناء مستقبل الأردن، في ضوء التحديث السياسي الذي ينعكس بصورة إيجابية على فرص الشباب في إحداث التغيير الإيجابي المطلوب والتأكيد بأن الأحزاب حاجة وليس ترفًا .
ويبقى القول، أنه لا بد أن ترتقي الأحزاب بأدائها السياسي إلى مستويات النضج السياسي لعملية المشاركة والانخراط والابتعاد عن عملية المشاركة التي تأتي من باب تحقيق المغانم والمكاسب والمحاصصة والاحتكار، بل من باب الشراكة في صناعة الحاضر والمستقبل، ولذلك، فإن التركيز يجب أن ينصب على أهمية تجذير العمل الحزبي وفق برامج قابلة للتطبيق قريبة من هموم وتطلعات المواطنين.