ماجد توبه
مرة أخرى.. تمتد يد الدعم والاسناد للحق الفلسطيني في وجه ابشع قوى النازية العالمية المتمثلة في اسرائيل وحليفها الاكبر الولايات المتحدة من دول الجنوب او ما يمكن تسميتها بدول الهامش في معادلة القوة العالمية، حيث تقدمت دولة جنوب إفريقيا رسميا بطلب في محكمة العدل الدولية للبدء في إجراءات التحقيق مع كيان الاحتلال المجرم حول ارتكابه جريمة الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.
بلد نلسون مانديلا وملايين الاحرار.. جنوب افريقيا تنحاز مجددا لضميرها الانساني، الذي عمدته عبر عقود من مكافحة الابارتهايد والتمييز العنصري بملايين الشهداء والجرحى والمعاقين والاسرى والنازحين قبل ان تنتصر وتقضي على دولة التمييز العنصري، تاتي اليوم لتتقدم على كل الدول العربية، الاقرب الى فلسطين، وتحرك خطوة مهمّة لمحاسبة قادة الكيان الصهيوني، امام محكمة العدل الدولية، لئلا يفلت قادة الاجرام والابادة الصهاينة من العقاب، ولتدشن خطوة مهمة في التصدي الانساني الدولي لابشع الحروب العدوانية على شعب محاصر يستهدف بارواح اطفاله ونسائه وابنائه وتدمر بناه التحتية وكل مقومات الحياة فيه ويشد الخناق والحصار عليه دفعا لرغبة محمومة بالتطهير العرقي بحقه.
موقف جنوب افريقيا المتقدم على كل المواقف العربية تجاه العدوان الوحشي على غزة يضاف اليوم الى مواقف عدد من دول الجنوب الفقيرة والمهمشة التي بحق فاجأتنا بمواقفها المتقدمة في التصدي للعدوان على الشعب الفلسطيني وحرب الابادة في غزة، حيث سبقتها اليمن، التي انهكتها 8 سنوات من الحرب والتجويع والتدمير، إلى قلب معادلات استراتيجية لصالح القضية الفلسطينية باغلاقها مضيق باب المندب ومنع السفن الاسرائيلية او تلك التي تحمل بضائع ومستوردات لاسرائيل من المرور، في حصار تقف اميركا واسرائيل وباقي حلفائهما عاجزين عن التصدي له ووقفه.
يضاف الى هذه المواقف ايضا موقف جيبوتي، البلد العربي الفقير والذي لا يكاد يذكر عند الحديث عن الخرائط العربية والافريقية، حيث دعم علنا الموقف اليمني بحصار البحر الاحمر واسرائيل، ورفض المساهمة في مساعي اميركا للتصدي لليمن.
وسبق ذلك ايضا مواقف لدول في امريكا اللاتينية تصنف على دول الجنوب والعالم الثالث، تقدمت في حدتها ومبدئيتها على مواقف اغلب الدول العربية والاسلامية، بطردها سفراء اسرائيل وتعرية خطاب الصهاينة امام الراي العام الدولي.
اذا اردنا فان المقارنة بين مواقف هذه الدول الفقيرة والمهمشة مع مواقف اغلب الدول العربية فاننا سنستفيض ونطيل المقارنات، نلخصها بجملة ان الحكومات العربية والاسلامية اكتفت بالتصريحات المنددة والتحذيرات، وتقديم المساعدات الاغاثية لغزة، التي يتراكم اغلبها في الجانب المصري من معبر رفح، فيما غاب الفعل الحقيقي عن الارض، على الاقل التوجه لمحكمة العدل الدولية او الجنائية الدولية كما فعلت جنوب افريقيا، ومراوحتها بحال الانتظار والمتابعة لملحمة محاولة ابادة الشعب الفلسطيني والقضاء على قضيته، مهملين او متواطئين مع الاخطار الاستراتيجية التي ستلحق بهم كدول عربية واسلامية ان انتصر المشروع الصهيوني.. فبقوا كغثاء السيل.
احدى النتائج الواضحة للحرب العدوانية الاسرائيلية الاميركية الحالية على الشعب الفلسطيني هو تقدم دول كانت تعد هامشية في الحراك الدولي ومصنفة على دول الجنوب الفقيرة إلى الواجهة والانتفاض على التبعية للمركز العالمي ورفع صوتها بضرورة تغيير معادلة العلاقات الدولية بما يصب بصالح الدول المستضعفة وعلاقات اكثر انسانية وعدالة في قضايا الشعوب المضطهدة. ونتوقع لهذه التحولات ان تاخذ مداها الايجابي بعدما اسست لنفسها في حرب غزة بداية الطريق