صدى الشعب – أختتمت الخميس فعاليات المؤتمر السنوي لمجمع اللغة العربية الأردني، والذ حمل عنوان: “المؤتمر الأردني الدولي الأول للغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي”، وشارك فيه عدد من اللغويين والحاسوبيين والباحثين وأساتذة الجامعات محلياً وعربياً وعالمياً، وحضور جمهور من المفكرين والمهتمين .
وافتتحت الجلسة الأولى التي حملت عنوان: ” التحديات والفرص في استخدام الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية وبناء النظم التعليمية المبتكرة”، بإدارة الأستاذ مأمون حطاب بعرضٍ لخمسة أبحاث: الأول بعنوان: “الذكاء الاصطناعي في تطوير تطبيقات اللغة العربية: تحديات وحلول”، للأستاذ الدكتور محمد عطير من كلية الخوارزمي التقنية، والثاني: “اللغة العربية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي: الفرص والتحديات وآفاق للمستقبل”، للدكتور أنس الهناندة من جامعة عمان العربية، والثالث: “البعد اللساني الهندسي في حوسبة اللغة العربية في ضوء الذكاء الاصطناعي”، للأستاذ الدكتور عمر مهديوي من جامعة مولاي إسماعيل في المملكة المغربية والدكتور محمد أبو شقير من جامعة جرش، والرابع: “التحليل الصرفي لنصوص اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي: القواعد والمعايير والموارد اللغوية والتقنيات الحديثة”، للدكتور مجدي صوالحة والدكتور عبدالله شديفات من الجامعة الأردنية، والخامس: “مجذع لغوي عربي خفيف ذكي مبني على خوارزميات اللغات الطبيعية والذكاء الاصطناعي”، للدكتور رعد محمد علي الخطيب من جامعة اليرموك والدكتور محمد أبو شقير من جامعة جرش والدكتور عمر مهديوي من حامعة مولاي إسماعيل.
وتحدث الأستاذ عطير في ورقته البحثية المعنونة بـ: “الذكاء الاصطناعي في تطوير تطبيقات اللغة العربية: تحديات وحلول”، عن التحديات التي تواجهها تطبيقات اللغة العربية، وأجملها في عدة نقاط، وهي: محدودية البيانات المتاحة للتدريب والتعلم، وتنوع القواعد النحوية والصرفية للغة العربية، وصعوبة فهم النصوص العربية المكتوبة بخط اليد.
وأضاف مقترحًا بعض الحلول تتمثل التي في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي جديدة وجمع مجموعات بيانات أكبر، وتوفير الدعم المالي للباحثين والشركات العاملة في هذا المجال.
أمّا الدكتور الهناندة، فقد بيّن في ورقته البحثية أن الانتشار الواسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في عصرنا الحالي خلق فرصاً وتحديات فريدة للمجال اللغوي الواسع للغة العربية وإمكانية توظيف هذه التطبيقات في تعلم اللغة العربية وتوليدها وتدقيقها.
وتابع حديثه قائلًا: “يسلط هذا البحث الضوء على العلاقة بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي واللغة العربية، بما في ذلك من استعراضٍ للأبحاث التي نشرت في هذا المجال للتعرف على واقع استخدام هذه التطبيقات ومدى نجاعتها في خدمة اللغة العربية، والفرص الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في تعلم اللغة العربية وخدمتها من حيث استخدامات نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة التي تهدف إلى فهم المحتوى وتدقيقه”.
وأشار الدكتور عمر المهديوي من المملكة المغربية في الورقة البحثية التي قدمها بمشاركة الأستاذ الدكتور محمد أبو شقير من جامعة جرش الأهلية إلى أن بعض الباحثين يعتقد خطأً أن دور اللساني في المعالجة الآلية للغات الطبيعية يبقى غير ضروري وملزم، في حين نحن نثبت العكس.
موضّحا الأمر بقوله: “لقد تأكد لنا ذلك من خلال اختبار العديد من التطبيقات اللسانية التي غاب فيها البعد اللساني الهندسي، مما جعلها عديمة الجدوى وغير قادرة على فهم اللغة العربية توليدًا وتحليلًا ، الشيء الذي دفعنا إلى طرح فرضية عامة تؤطر أعمالنا قوامها لاغنًى للمهندس عن اللساني، فهو المدخل والمفتاح السحري لنجاح أي عمل لساني هندسي في ضوء الذكاء الاصطناعي. وبيّن من خلال ورقته حدود التقاطع بين اللساني والمهندس في المعالجة الهندسية للغة العربية”.
وبيّن الدكتور صوالحة في الورقة البحثية التي عنونها بـ:”التحليل الصرفي لنصوص اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي: القواعد والمعايير والموارد اللغوية والتقنيات الحديثة الحديث”، أن للتحليل الصرفي العديد من التطبيقات في معالجة اللغة المكتوبة والمنطوقة. حيث يعتبر الأساس الذي تعتمد عليه العديد من تطبيقات معالجة اللغات الطبيعية؛ كأنظمة استرجاع المعلومات، وتصنيف النصوص، والتشكيل الآلي، والتدقيق الإملائي، وبناء المعاجم، والترجمة الآلية، وبرامج الحوار وغيرها.
ولفت إلى أن “التحليل الصرفي يوفر معلومات مهمة لتطبيقات تمييز أقسام الكلام داخل سياقه، وكذلك تعتمد أنظمة الترجمة الآلية على المعلومات التفصيلية الدقيقة التي تقدمها المحللات الصرفية لإنتاج ترجمة صحيحة للجمل المدخلة”.
وعرض الدكتور الخطيب من جامعة اليرموك في البحث المشترك مع الدكتور أبو شقير والدكتور مهديوي، خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وقواعد البيانات المستخدمة بالتقييم، واشتقاق الأفعال العربية، والنتائج والمقارنات، مستشهدًا بالأمثلة التوضيحية الداعمة لها.
وفي الجلسة العلمية الثانية، المعنونة بـ: “الأخلاقيات والتحديات الاجتماعية لتطبيقات اللغة العربية والذكاء الاصطناعي” التي أدارها عضو المجمع الأستاذ الدكتور همام غصيب، تم تقديم ثلاثة أبحاث: الأول بعنوان: “خواطر حول تطبيق الذكاء الاصطناعي في الأردن، في الأخلاقيات والتعليم”، لعضو المجمع الأستاذ الدكتور عبدالمجيد نصير، والثاني: “التحديات الأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ووسائل علاجها لخدمة اللغة العربية”، للأستاذ الدكتور ياسر محمد الطرشاني من جامعة المدينة العالمية في ماليزيا، والثالث: “ضوابط وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في ترجمة العقود القانونية باللغة العربية”، للدكتور جلال الكايد من جامعة عمان
العربية.
.
وتحدث الدكتور نصير في ورقته البحثية المعنونة بـ: “خواطر حول تطبيق الذكاء الاصطناعي في الأردن، في الأخلاقيات والتعليم”،عن ربوطات الذكاء الاصطناعي قائلًا: “هي من آخر ابتكارات العقل البشري وأكثرها تحدياً بالنسبة إلى ما استغل من تطبيقاته الكثيرة حتى الآن، وهي لا حدّ لها، ولا يمكن أن تتوقف إلا عندما يتوقف الإبداع البشري، وهذا مستحيل.
وأضاف قائلًا: “إن هذا الاندفاع هو سلاح ذو حدين: إما أن يكون لخير البشرية، أو يكون سلاحاً فتاكاً في يد أعدائها”. مؤكّدًا على أننا: “نستطيع أن نستشف الحاجة الماسة إلى تشريعات محلية ودولية لضبط هذه التطبيقات، التي أدركت الحكومة الأردنية أهمية وجودها، فأصدرت مؤخراً “الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي”.
وحول موضوع “الأخلاقيات الاجتماعية لتطبيقات اللغة العربية” قسّم الدكتور الطرشاني بحثه إلى تمهيد ومبحثين، حيث جاء التمهيد حول مفاهيم الذكاء الاصطناعي والتحديات الأخلاقية، وجاء المبحث الأول: التحديات الأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أما المبحث الثاني فهو في وسائل علاج التحديات الأخلاقية لخدمة اللغة العربية في ضوء مقاصد الشريعة.
وأضاف مستعرضًا عددًا من النتائج التي توصل إليها البحث، ومنها: ” أهمية التعاون على مواجهة هذه التحديات من خلال تفعيل مقاصد الشريعة الإسلامية بما يساعد على خدمة اللغة العربية، والتعاون بين اللغويين والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي بما يساعد على إنتاج برامج ذكية تكون في خدمة اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم.
وعرض الدكتور جلال حسين الكايد أستاذ القانون الجزائي من كلية القانون في جامعة عمان العربية ورقته البحثية المعنونة بـ: “الضوابط القانونية والأخلاقية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الترجمة” مؤكدًا فيها على ضرورة: ” تطوير القواعد القانونية خاصة بعد أن أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي، من ضمن ضرورات الحياة الحديثة، حيث تتمتع بقدرات التسيير الذاتي والتفاعل مع محيطها الخارجي.
وقال: “إن التطور التكنولوجي في مجال أنظمة تقنيات الذكاء الاصطناعي، له تأثير على تصرفات الإنسان، وهو ما يدفعنا في هذه الدراسة، إلى البحث في الإشكاليات القانونية الناتجة عن تصرفات الذكاء الاصطناعي التي قد لا يربطها أخلاق، وغير منضبطة وفق أسس أدبية وأخلاقية.
واختُتمت الجلسة الثانية بتلاوة الدكتور جعفر عبابنة لأهم التوصيات الصادرة عن المؤتمر، وتضمنت تشجيع المؤسسات التعليمية والجامعات على البحث والنشر في مجالات الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعلم اللغة العربية أسوة باللغات الأخرى، وتدريب المعلمين على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في الغرفة الصفية؛ لتحقيق الاستفادة القصوى منها في تعزيز عمليتي التعلم والتعليم وضرورة نشر الوعي وتعميق فهم العاملين في مجال اللسانيات وعلوم اللغة العربية بمبادئ الذكاء التوليدي وتطبيقاته في مجال اللغة الطبيعية من خلال عقد المؤتمرات وورش العمل المتخصصة، ونهوض مجامع اللغة العربية بمهمة تحديد محاور البحوث والتطبيقات التي تخدم اللغة العربية، في مجالات التحليل النحوي والصرفي والدلالي المحوسب، والسعي الى ترسيخ مبادرة إنتاج النموذج التوليدي الشامل للغة العربية وعلومها، من خلال تكاتف خبرات الباحثين اللغويين والذين يعملون في مجال الحوسبة الذكية، والسعي إلى إنشاء المدوّنات المحوسبة للمعاجم العربية الشهيرة مثل: أساس البلاغة، لسان العرب، المحيط في اللغة، معجم تهذيب اللغة، وغيرها لجمع وتشكيل ذخيرة لغوية ثرية بمفردات الكلم العربية ومعانيها، وتتبّع التغير الطارئ على دلالة الألفاظ عبر العصور، التي ستشكل النواة التي ترتكز إليها النماذج اللغوية الكبيرة للذكاء التوليدي .
كما تضمنت التوصيات، إنشاء تحالفات علمية بين أئمة علوم اللغة والخبراء العاملين في الذكاء الاصطناعي وتجسير العلاقة من خلال مشاريع قصيرة الأمد وأخرى طويلة الأمد ترسّخ العلاقة بين الطرفين وتوحّد رؤاهم وتوجهاتهم المستقبلية، وإنشاء منصة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتوليدي في مجال علوم اللغة العربية في المجمع العلمي للغة العربية في المملكة الأردنية الهاشمية لتبني التطبيقات ورعاية واحتضان المشاريع الجديدة لتكون نواة لمستقبل جديد للغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي والتوليدي، والاستثمار في البحث والتطوير المستقبلي: يُوصى بضرورة الاستثمار في البحث العلمي والتطوير المستمر لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في تحسين وتطوير اللغة العربية. هذا يشمل تحسين الأدوات والتقنيات الحالية وتطويرها بشكل مستمر لتلبية الاحتياجات المتغيرة والتحديات اللغوية المستمرة. هذه التوصية تشير إلى أهمية استمرار البحث والتطوير لتطوير الأدوات والتقنيات الحالية وتحسينها بشكل مستمر لتحقيق الأداء اللغوي الممتاز وتعزيز فهم اللغة واستخدامها بشكل أفضل.
كما أكدت التوصيات على تعزيز التعاون الدولي والتبادل المعرفي وتطوير أدوات وبرمجيات تكنولوجية متقدمة: العمل على تطوير الأدوات والبرمجيات التكنولوجية المستخدمة في معالجة اللغة العربية بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، ودعم التعليم والتدريب، وتطوير برامج تعليمية وتدريبية متخصصة تستهدف تعليم استخدامات الذكاء الاصطناعي في تحسين اللغة العربية مما يُسهم في تأهيل الكوادر المتخصصة القادرة على تطبيق هذه التقنيات بفعالية.