ماجد توبه
أعلن صباح الأربعاء عن موافقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على اتفاق تبادل الأسرى بعد مماطلة إسرائيلية طويلة، سعى خلالها الاحتلال إلى الاعتماد على جهوده العسكرية والاستخبارية لتحرير أسراه من غزة ليواجه بفشل كبير يضاف إلى فشله الكبير والصاعق الذي لحق به في 7 أكتوبر وتحطيم صورة امنه وجيشه في طوفان الأقصى.
يستميت نتنياهو وقياداته السياسية والأمنية في تبرير اضطرارهم لهذه الصفقة، بل وعقدها مع حركة حماس التي شيطنوها واعتبروها منذ اليوم الأول للعدوان بمثابة المسحوقة والمدمرة كهدف لا تراجع عنه.
والواضح، أن فشل اقتحام واحتلال مشفى الشفاء وباقي المستشفيات ومواقع عديدة بغزة في العثور حتى على طرف خيط يدل على مواقع الأسرى الإسرائيليين هو ما دفع نتنياهو لمحاولة إنقاذ نفسه من الورطة والقبول صاغرا للصفقة مع حماس.
لن تتوقف الحرب والعدوان على غزة بعد انتهاء الهدنة التي ستستمر أربعة أيام، ومتوقع تمديدها لاستكمال تبادل باقي الأسرى المدنيين لدى المقاومة، لكنها بكل المقاييس نصر جديد يضاف إلى انتصارات المقاومة التي بقيت ثابتة ومتماسكة ومبادرة رغم شراسة وقوة الهجوم الإسرائيلي الجوي والبري، ورغم الكلفة المدنية الباهظة على سكان غزة ممن تعرضوا ويتعرضون لحرب إبادة وتهجير قسري وإعادة حياتهم للعصور البدائية بحصار نازي خانق.
ومن المضحك أن يبرر قادة العدو لموافقتهم على الصفقة بأنها فرصة لجيشهم لإعادة التقييم والاستعداد لمواصلة الهجوم الصاعق على المقاومة، وذلك بعد أن ملؤوا الدنيا على مدى أيام العدوان برفض الهدن الإنسانية ووقف القتال لعدم منح المقاومة فرصة التقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوفها، وهو ما ستوفره حقيقة هدنة الأربعة أيام وهو أمر حيوي لعمل المقاومة في ظل بيئة العدوان الصاعقة.
الصفقة وإرغام إسرائيل عليها ستوفر أيضاً فسحة مهمة لإدخال الأغذية والأدوية والمستلزمات المختلفة والوقود للقطاع المنكوب، وهي مساعدات متراكمة ومتوفرة بكثرة في الجانب المصري ستغيث الغزيين نسبياً وتمكن المنظمات الدولية العاملة هناك من إعادة تفعيل دورها الموؤود.
بعد مهم في هذه الصفقة لا يمكن القفز عنه، وهو أن الولايات المتحدة هي الطرف الأهم الذي ضغط على نتنياهو وعصابته الحاكمة للقبول بتبادل الأسرى والهدنة الإنسانية وإدخال المساعدات، خاصة بعد أن صعد قادة الاحتلال إلى أعلى الشجرة رفضاً لأي مفاوضات وصفقات والحرص على المضي قدما بالعملية العسكرية دون توقف.
هذا الأمر يعني واقعياً أن الولايات المتحدة التي تتعرض لضغوط دولية وأخرى داخلية من الرأي العام الأمريكي جراء حرب الإبادة المفتوحة، وترى الفشل تلو الفشل الإسرائيلي بتحقيق نتائج عملية على الأرض، سواء لجهة تحرير الأسرى أو لجهة القضاء على المقاومة، نقول أن هذا الأمر يعني أن أمريكا وإدارة بايدن وبخلاف الاحتلال الإسرائيلي لا تستطيع تجاهل كل هذه الضغوط الدولية والداخلية طويلا رغم موقفها المعلن حتى الان برفض وقف شامل لإطلاق النار.. لكن السؤال الضاغط عليها هو..إلى متى؟!
الثابت اليوم؛ أنه رغم ضراوة وبشاعة الإجرام الإسرائيلي بضرب غزة وأهلها وسط تواطؤ دولي معيب وعجز عربي مخزي، ما زال أمامها الكثير في محاولتها لتحقيق أهدافها المعلنة وان النتائج التي تصبو إليها غير مضمونة التحقق في ظل مقاومة فلسطينية ثابتة ومتماسكة وقادرة بفعالية على العمل والقتال ببيئة غزة وفي ظل حاضنة شعبية تتحمل الأهوال ولم ترفع الراية.
سيحسب على نتنياهو وقيادته فشل جديد بقبوله الصفقة الجديدة مع حماس والمقاومة، تضاف إلى الفشل الكارثي في 7 أكتوبر، وإلى تزايد حجم القتلى والجرحى والخسائر العسكرية في الاشتباكات مع رجال المقاومة في حواري وأزقة غزة.. وهي خسائر مرشحة للتزايد أكثر عندما تتحيد قوة المدرعات والدبابات الإسرائيلية بعد أن أنهت تدميرها وجاء دور المشاة ليترجلوا منها للتطهير والاشتباك مع رجال يشترون الموت كما يشتري الإسرائيليون الحياة!