الشرفات: الخطوة جاءت في أطار الرقابة البرلمانية بمراجعة المعاهدات والسياسات الحكومة مع دول أخرى
نصراوين: باقي الاتفاقيات الأخرى تجارية وصلاحيات النواب عليها محدودة
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد خبراء، أحقية مجلس النواب تشريعيًا بمراجعة الاتفاقيات المبرمة بين الأردن والكيان الصهيوني وذلك على خلفية المجازر البشعة واستهداف قوات الاحتلال للمدنيين العزل في الضفة الغربية وقطاع غزة وأودت بحياة الآلاف من الشهداء الأبرياء جلهم من النساء والأطفال، والتي تعتبر مخالفة صريحة للاتفاقيات والأعراف الدولية .
وقال عضو مجلس الأعيان السابق المحامي طلال الشرفات لــ:صدى الشعب”، أنه في أطار الرقابة البرلمانية يجوز لمجلس النواب وفقاً لأحكام الدستور أن يراجع الاتفاقيات والمعاهدات والسياسات للحكومة مع دول أخرى .
وكان مجلس النواب وافق وبالإجماع الاثنين على مراجعة الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال، على خلفية العدوان الهمجي للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك كخطوة لتجسيد دعم الأردن وتضامنه نصرة للأشقاء الفلسطينيين ودعماً لصمودهم .
وأوضح الشرفات، أن هذا الخطوة الرقابة تمثل رقابة سياسية ترتبط ارتباطاً كبيراً بتشكيل جو سياسي داخل البرلمان، سواءً من خلال المناقشات أو المسألة أو حتى طرح الثقة بالحكومة .
وأضاف، أن صلاحية هذا الأمر تتعلق أساسًا بأمرين رئيسيين: أولهما الرقابة السياسية، والثانية أنه يجوز لمجلس النواب أو الأعيان وفقًا لأحكام الدستور أن يقترح مشاريع القوانين أو ما يسمى اقتراح برغبة، وهذا يحتاج إلى عشرة أعضاء من أعضاء مجلس النواب والأعيان وبموجب ذلك يطرح الأمر على المجلس، فإذا أقره يرسل إلى الحكومة لوضع قانون يتضمن هذه الرغبة أو مضامين هذا المشروع .
وبين، أنه يقع على عاتق الحكومة القيام بتنفيذ هذا الأمر وتقديم مشروع قانون يحمل هذه الاقتراحات إلى مجلس النواب، مضيفاً أنه ومن الناحية الدستورية، يجوز للبرلمان مراجعة التشريعات، سواءً كانت تلك التشريعات تعتبر قوانينًا أو مراجعة للسياسات .
وأشار إلى أن الاتفاقية المتعلقة بالغاز لا يمكن للمجلس أن يطلب مراجعتها إلا في سياق الرقابة السياسية، ويأتي ذلك نتيجةً لصفتها اتفاقًا بين شركتين، وليست اتفاقية بين دول يرتب عليها وجوب إقرارها أو الموافقة عليها من مجلس الأمة .
وأوضح، أنه وفيما يتعلق بالاتفاقية الأخرى المتعلقة باتفاقية السلام بين الأردن والاحتلال، يحق لمجلس النواب أن يقترح على الحكومة وضع مشروع قانون لإلغاء تلك الاتفاقية، مشيرًا إلى أن الاتفاقيات بين الدول يمكن أن تظل قائمة كما هي، أو يُلغى كلَّاً وتمامًا، ولذا يُمكن للمجلس أن يتقدم في هذا السياق، ليس بطلب التعديلات بل بطلب إما الإلغاء أو الإبقاء. ومن الجدير بالذكر، أن هذه الاتفاقيات ما زالت قائمة، ولا يمكن للمجلس سوى تقديم مقترحات بالإلغاء .
ويُعتقد أن المجلس يقوم، في هذا السياق، بممارسة رقابة سياسية تتماشى مع حالة الحرب بقطاع غزة، متوقعاً أنه من الناحية العملية، لن يحدث مراجعات فعلية على تلك الاتفاقيات، سواء كانت للمياه أو الغاز أو الكهرباء أو اتفاقية السلام.
ويُعزى هذا التوقع إلى التكاليف الباهظة التي قد تضطر إلى تحملها المملكة في حال محاولة تعديل تلك الاتفاقيات، وهذه التكاليف قد لا تتعلق بالعلاقة المباشرة بين الأردن والاحتلال، بل قد تمتد إلى العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية أو دول الاتحاد الأوروبي .
من جانبه، أوضح الخبير الدستوري الأستاذ الدكتور ليث نصراوين، أن رقابة مجلس النواب على الاتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني يحمل رمزية سياسية وشعبية، مؤكدًا أهمية التمييز بين المعاهدات والاتفاقات التي وقعتها الدولة الأردنية كجهة صاحبة سيادة ووفق لأحكام الدستور، وتلك التي تم توقيعها كاتفاقيات تجارية واستثمارية بين شركات أردنية وأخرى صهيونية.
وبيّن، أنه وفيما يتعلق بالمعاهدات التي تم توقيعها وفقًا لأحكام المادة 1/33 من الدستور، كمعاهدة السلام، فإن مجلس النواب يملك الحق بأن يتقدم باقتراح بقانون عملا بأحكام المادة (95) من الدستور لإصدار قانون يسمى قانون إلغاء قانون التصديق على معاهدة السلام. فهذه المعاهدة نفذت بموجب قانون ويجري إلغاؤها بقانون من ذات المرتبة.
وبين نصراوين، أن باقي الاتفاقيات التجارية، كاتفاقية الغاز، هي اتفاقيات تمت بين شركات أردنية وطنية وأخرى إسرائيلية، وأن صلاحية مجلس النواب على هذه الاتفاقيات محدودة، خاصة مع عدم وجود نسخ لهذه الاتفاقيات في البرلمان، حيث سبق وأن صدر قرار عن المحكمة الدستورية ينكر أي صلاحية لمجلس النواب على رقابة هذا النوع من الاتفاقيات كونها لم تبرم بين دول ذات سيادة .
وأضاف، انه يمكن للمجلس أن يوصي الحكومة بإلغاء هذه الاتفاقيات كاتفاقية الغاز باعتبار أنها الضامنة لشركة الكهرباء، لكن يظل القرار للحكومة بالإلغاء من عدمه، حيث من الطبيعي أن تأخذ الحكومة والشركات الأردنية الموقعة على هذه الاتفاقيات بعين النظر الأحكام المتعلقة بفسخ الاتفاقية من طرف واحد، وطبيعة الالتزامات الجزائية والمدنية التي قد تكون الاتفاقية ذاتها قد فرضتها على الفريق الذي يقوم بالإنهاء المبكر ومن طرف واحد، فهذه الاتفاقيات بالعادة تتضمن شروطا جزائية ومالية في حال الإنهاء قبل الموعد المتفق عليه .
ومنذ 40 يومًا، يشن جيش الاحتلال عدوانًا وحشيًا على قطاع غزة، ووفقًا لمصادر رسمية فلسطينية فقد استشهد 11,500، بينهم 4,609 أطفال و3,100 امرأة، وتسببت في إصابة 29,000 شخص، حيث يصل 70% من الإصابات للأطفال والنساء.