خبراء يدعون إلى إعادة تدريس منهاج القضية الفلسطينية ومادة علم النفس في المدارس.
الحروب: استهداف النساء والأطفال في الحرب هدفه الضغط على المقاومة
هارون: علينا أن لا نكتفي بالاستنكار وإنما كشف ممارسات الاحتلال وقتله للأطفال والنساء
سرحان: الشريعة الإسلامية فيها من الدروس والعبر حول رفع الروح المعنوية ومعالجة الحالة النفسية
الخالدي : الشارع العربي أظهر قوة وتفاعلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي
نديم: المعلم يتحمل مسؤولية في معالجة الآثار النفسية التي شكلتها الحرب على الأطفال
كتبت : رغد الدحمس
حذر خبراء ومتخصصون إعلاميون وتربويون من استمرار استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها الغاشم والمتواصل على قطاع غزة وارتكاب العديد من المجازر بحق المدنيين، وما يترتب على ذلك من زيادة حدة المعاناة الإنسانية وتأثيرها النفسي على الأطفال .
وقالوا في ندوة حول تداعيات الحرب على غزة وآثارها النفسية على الغزيين وخاصة الأطفال الفلسطينيين أو ممن يشاهدون الأحداث على محطات التلفزة، إن أطفال غزة وقعوا ضحية للإنتهاكات المروعة التي يرتكبها جنود الاحتلال الصهيوني، ويعيشون معاناة صعبة لا يمكن تصورها ما جعلهم يفقدون الشعور بالأمن ويصبحون ضحية للشعور بالخوف جراء ما عايشوه من دمار وموت، وهذه التأثيرات ستكون أعظم وأكثر خطرًا عند الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم، أو شاهدوا موت أسرهم أمام أعينهم، أو تعرضوا لإصابات جسدية خطرة.
ودعت الندوة إلى تأهيل المعلمين في المدارس ليقوموا بدورهم في تقديم العلاجات، ومعالجة الآثار النفسية التي نتجت عن الحرب في غزة وانعكاساتها على الطلاب، وكذلك تدعيم هذا البرنامج من خلال اشراك كوادر طبية نفسية للإسراع في عملية تأهيل الأطفال.
وطالب المشاركون في الندوة التي عقدتها صحيفة صدى الشعب بالتعاون مع مركز أنوار للاستشارات والتدريب، بتخصيص أنشطة منهجية للطلاب في المجال النفسي والإجتماعي وفتح باب الحوار معهم من قبل مختصين في هذا الأمر.
ودعا المشاركون الجهات المهنية في وزارتي التربية والتعليم العالي إلى إعادة تدريس منهاج القضية الفلسطينية في المدارس والجامعات، وكذلك تدريس مادة علم النفس في جميع مراحل التعليم في المدارس.
وشارك في الندوة التي أدارتها الاستشارية التربوية والنفسية الدكتورة ميرفت سرحان، كل من : الخبير والمستشار التربوي الدكتور رمزي هارون، والمختص في العلوم الشرعية الدكتور منتصر الحروب، والخبير الإعلامي حازم الخالدي، والخبير التربوي والاعلامي نورالدين نديم، والزملاء الصحفيين : فايز الشاقلدي، وسليمان أبو خرمة، ورغد الدحمس.
وأشاروا إلى أن قطاع غزة يشهد إرتقاء آلاف الشهداء بين أطفاله، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة، عن ارتفاع عددهم إلى أكثرمن 9 آلاف، بينهم آلاف الأطفال، والعدد مرشح وبوتيرة متسارعة إلى الزيادة بسبب استمرار العدوان الهمجي والشرس على القطاع وغياب شبه كامل لأدنى مقومات الحياة وبات هناك آلاف الجرحى والأيتام وآخرين بلا مأوى ورعاية، وتتقلص بشكل متسارع فرص نجاة أطفال غزة من الموت، وسط تفاقم الأوضاع الصعبة مع استمرار العدوان الصهيوني الهمجي والذي خلف واقعاً كارثياً لا يمكن تصوره، إضافة إلى أن القطاع الصحي بغزة على وشك الانهيار نتيجة تضرر المستشفيات من القصف المتواصل والنقص الحاد للمواد الطبية، وخروج معظم المستشفيات من الخدمة جراء التصعيد على هذا النحو، وباتت المستشفيات غير قادرة على استقبال المزيد من الجرحى والمصابين بسبب نفاد الأدوية والمواد الطبية اللازمة لإجراء العمليات الجراحية للمصابين .
وقال الخبير التربوي الدكتور رمزي هارون، أن قوات الاحتلال تستهدف
الطفل الفلسطيني من خلال القتل والاعتقال كجزء من الشعب الفلسطيني المقموع إلى جانب العديد من الممارسات التي تتصاعد منذ السابع من تشرين الأول الماضي مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة واستهداف المدنيين الأبرياء، وخاصة الأطفال والنساء، مشيراً إلى معاناة الأطفال الفلسطينيين ومقارنتها مع المعاناة في دول أخرى في المنطقة.
وأشار هارون إلى انه ومع استمرار العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، والقصف العنيف الذى يستهدف الأحياء والبنايات السكنية، مُوقعاً آلاف الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين، إذ يتعرض الفلسطينيون للقتل والتشريد، منذ قرابة الشهر ، ويعانون وخاصة الأطفال من إنعكاسات الاعتداءات عليهم نفسيّاً، وهم يسمعون في كل لحظة أصوات التفجيرات ودوى القذائف، وصراخ الأطفال، وعويل النساء المستمر والذي يُدخل الخوف والرعب إلى نفوسهم، تلك الحقيقة المرعبة التي يعيشها اطفال غزة.
وقال هارون : “إن المنشآت التعليمية والمدارس لم تسلم من العدوان الهمجي المستعر الذي يقترفه جيش الاحتلال ضد الأبرياء في قطاع غزة، حيث تم تدمير مئات المدارس، وقتل آلاف الأطفال الأبرياء منذ بدء عملية طوفان الأقصى .
وأشار إلى أن الكثير من الأطفال استشهدوا أيضاً جراء استهداف قوات الاحتلال مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي لجأ إليها قرابة خمسة آلاف نازح من أهالي غزة، حيث تحولت المدارس في قطاع غزة، إلى ملاجئ لأكثر من 175 ألف شخص، مضيفاً أن الأعداد تتزايد مع استمرار الغارات الجوية الصهيونية.
وحيا الدكتور هارون صمود الأهل في قطاع غزة في مواجتهم آلة الحرب الصهيونية، والذين علموا العالم كل دروس الثبات والصمود، ومن هذه الدروس التي نشاهدها لهؤلاء الأطفال وهم يتحدثون عن معاناتهم بالصبر وبإيمان وبعقيدة، نحسدهم عليها ونسأل الله أن يبارك فيهم وبعقيدتهم.
ودعا المنظمات الدولية الراعية لحقوق الإنسان والأطفال، بعدم الاكتفاء بالشجب والاستنكار، والتدخل الفوري لحماية الأرواح، وحماية حق الطفل الفلسطيني بالحياة الطبيعية، التي ينال فيها احتياجاته من اللعب والتعليم الآمن.
ودعاهم أيضاً أن لا يستخدموا معايير مزدوجة في تعاملهم مع النزاعات، وأن تكون لديهم القوة لكشف ممارسات الاحتلال الصهيوني بحق قطاع غزة بشكل عام، والمؤسسات التعليمية، والأطفال بشكل خاص، وأن يفضحوا انتهاكات الاحتلال للقوانين الدولية، وما يمارسه من تدمير للبُنى التحتية في القطاع.
وقال د. رمزي هارون: “إن للخوف أعراض، فمثلاً كل واحد في جسمه منطقة اسمها منطقة الشد والتوتر، وهذه ليست بالضرورة هي نفس منطقة الشد والتوتر عند الآخرين، والبعض عندما يتوتر يشعر في ألم في منطقة الرأس والبعض الآخر يصيبه إضطراب في جهازه الهضمي، والبعض ألم في منطقة الفك، وعليه نلاحظ منطقة الشد، تكون مختلفة عند كل واحد منا، عندما يعاني من توتر، وهذا ينطبق على كل البشر صغارًا وكبارًا.”
وأوضح أن مستوى تأثر الأطفال بما يجري في غزة يختلف من طفل إلى آخر، فما يتعرض له الأطفال، وانعكاسات الأحداث على كل منهم، تختلف باختلاف العمر، والقدرة النفسية والبدنية.
وعلى الأهل أن يراقبوا أبناءهم، خاصة الصغار ممن لم يلتحقوا بالمدرسة بعد، حتى يتمكنوا من ملاحظة أي من الأعراض التي تظهر عليهم، حيث يقسم الأطفال إلى قسمين، القسم الأول وهو الأسهل وهو الذي يتحدث عن الأحداث ويناقشها ويطرح أسئلة حولها ويعبر عن مخاوفه وهذا النوع يسهل التعامل معه، وصفحته مكشوفة للأهل وللمعالج النفسي، أما الصنف الثاني، وهو الصنف الصامت الذي لا يعبر عن مخاوفه ولا يناقش الأحداث ولا يتحدث عنها، فهو النوع الأصعب، وقد تظهر عنده بعض دلائل الخوف التي يجب على الأهل الانتباه لها.
بدوره، أشار المختص في العلوم الشرعية د. منتصر الحروب، إلى أن النسبة الكبيرة من الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، هي بين الأطفال والنساء وهناك سببان رئيسيان لذلك، أولها الضغط على عناصر من المقاومة الفلسطينية، والإنتقام منهم نظير صمودهم وثباتهم أمام العدوان والجرائم التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة.
وأضاف، أن قوات الاحتلال استهدفت عائلة مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح والتي كانت هدفًا لقصف الجيش ما أدى لإستشهاد زوجته وابنه وابنته وحفيده، مع أنهم يعرفون ما يضربون بالضبط، ولكن خشية منهم بأن هؤلاء الأطفال سيصبحون بالمستقبل مدافعين عن فلسطين ويقفون في وجه الاحتلال.
وأشار الحروب ، إلى قصة قتل فرعون ذكور بني إسرائل حينما أخبره المنجمون بولادة طفل منهم يأخذ منه الملك، ولكن قدر الله عز وجل كان اعظم، “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” فنجى الله موسى عليه السلام وأهلك فرعون وجنوده.
وأشار إلى قوله سبحانه “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون” وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم “جاهدوا المشرِكين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم” والآيات والأحاديث التي تتعلق بالجهاد كثيرة، ومعناه مجاهدة الأعداء مع دعوتهم إلى الله وإرشادهم إلى ما خلقوا له، وقوله عليه السلام: “إنه لا يجد الشهيد من ألم الموت إلا قرصة كقرصة النملة”.
الدكتورة ميرفت سرحان
بدورها قالت، الاستشارية التربوية والنفسية الدكتورة ميرفت سرحان خلال ادارتها الجلسة، إن الأحداث التي تدور في فلسطين الحبيبة بشكل عام، وقطاع غزة بشكل خاص، تُدمي القلب وتُحزن الروح والفؤاد، وأنها لفضاعتها وعظمها، ستنعكس آثارها النفسية على أطفالنا وشبابنا، مما يستدعي تهيئة الوالدين والمربين في المؤسسات التعليمية، وتوجيه الوعاظ والأئمة، والإعلام، إلى التعامل مع هذه الآثار والإنعكاسات وعلاجها.
وأوضحت الدكتورة ميرفت أن القرآن الكريم والسنة النبوية، ذكرت قصصاً عديدة عن المعارك والحروب، وذكرت لنا مختاراتٍ من غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام، مما يعني أن الشريعة عالجت كل ما يتعلق بالحروب، وإنعكاساتها، النفسية والسلوكية، فكما بينت قواعد التعامل مع الأسرى ورفع المعنويات للجنود وأسرهم، بينت كيفية التعامل مع الهزيمة، والخسائر بالأموال والأرواح.
وأكدت سرحان على أهمية دور الأم في مراقبة أبنائها وتوجيههم، موضحة خطورة ما يعانيه الطفل الفلسطيني في غزة من فقد لأسرته كاملة، بل ومشاهدتهم يُقتلون أمامه، ولا يرى نجدةً من أمة تربى وتعلم أنها أمة عربية واحدة، وأنها كالجسد الواحد إذا أصيب جزء منه تداعى سائر أعضائه بالسهر والحمّى.
وكانت الدكتورة ميرفت قد افتتحت كلامها بدعوة المشاركين لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، والدعاء لهم ولعموم أبناء شعبنا في فلسطين وغزة.
الاعلامي حازم الخالدي
من جهته، قال الخبير الاعلامي حازم الخالدي: إن التفوق العسكري والإعلامي يميل لصالح الكيان الصهيوني.
وأشار الخالدي إلى أن هناك قنوات فضائية عربية أثبتت قوتها في هذه الحرب، مثل فضائية “الجزيرة”، التي استطاعت أن تنقل صورة الإعلام العربي إلى الخارج، وهي نافذة عربية تمكنت من الانتشار، ولها قوة ونفوذ في أوروبا وفي أميركا وغطت على الإعلام العربي الرسمي، الذي أصبح ضعيفًا ولا يواكب الحدث العالمي، وحتى الأحداث الداخلية وتفاصيل الأحداث اليومية.
وأشار الخالدي إلى أن الشارع العربي أظهر تفاعلاً كبيراً مع منصات التواصل الاجتماعي على مستوى الإعلام الرقمي، وخاصة جيل الشباب الذي أصبح قادراً على توجيه الرسائل إلى الغرب، وعليه يبقى الشارع العربي مؤثراً وأخذ دوره بصراحة وغطى على الإعلام الرسمي، لافتا إلى أن تعدد وسائل التواصل الاجتماعي ساعد الشباب العربي على الاستفادة منها وبث الرسائل وتكرارها إلى درجة أنه صار لدينا أصواتا مؤثرة.
وتطرق إلى الفرق بين ما يقوم به الإعلام الصهيوني وإعلام المقاومة، إذ ظهر قدرة الإعلام الصهيوني على تلفيق الأخبار ونشرها وتأثيرها على الرأي العام العالمي، بينما محدودية انتشار اعلام المقاومة ومحدودية مخاطبته للشعب العربي.
منوها أن العدوان الذي تشنه قوات الإحتلال على غزة شكل تحولاً كبيراً في طبيعة المواجهة بين العدو الاسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، حيث يلاحظ أن الوحدة الداخلية بين قوى المقاومة كان لها الأثر الكبير لتحقيق الإنجازات، وما كان من صمود الشعب الفلسطيني رغم العدد الهائل من الضحايا والدمار والتشريد جراء العدوان الهمجي والغاشم الدور.
وأكد الخالدي على ضرورة دعم الإعلام العربي ليتمكن من أداء دوره في رسم المشهد السياسي وتأطير العقل العربي وتحصينه إزاء التحديات والتعامل مع طبيعة المواجهة المستقبلية في الصراع العربي الصهيوني.
وأشار إلى أنه وبالرغم من ضعف الدعم السياسي العربي الرسمي، والحصار الخانق الطويل الذي يعانيه قطاع غزة والتشويش الإعلامي، وتجاهل الدول والقوى السياسية وعلى مختلف المستويات، إلا أن المقاومة الفلسطينية ومن خلال العمليات النوعية وغير المسبوقة تمكنت من إلحاق خسائر كبيرة بقوات الاحتلال الصهيوني.
الاعلامي نور الدين نديم
وقال الإعلامي والخبير التربوي نور الدين نديم، إنه يجب التعامل مع الأطفال بشكل شمولي، يوافق بين تحديث المنهاج وإرفاق خطة تأهيل وتمكين نفسي به، وتأهيل المعلمين للتعامل معه.
واقترح نديم على المركز الوطني لتطوير المناهج، إعداد مادة مستقلة أو متضمنة في المواد الأخرى تحت عنوان التربية النفسية، موضحاً أن هذه المادة ومضامينها ستكون درعاً واقياً لأبنائنا الطلبة، في مواجهة الآثار والانعكاسات النفسية للأزمات والكوارث والحروب.
وأشار نديم إلى أن الحرب لها آثار سلبية، مثلما لها آثار إيجابية، فهي كما تُحبط وتجرح وترعب، هي أيضاً تُحفز، وتُحصن، وتدفع إلى العمل، والتغلب على التحديات والانتصار لدماء الشهداء من خلال صناعة القوة بالعلم والنهضة وإثبات الذات.
وأضاف أن من الطبيعي أن ينتج عن الحرب سلوكيات خاطئة، تفع إلى التطرف في ردود الأفعال، وتنامي شعور الكراهية والميل إلى العنف، وعليه فإننا مطالبون بأن نوحد جهودنا ونتكامل في المدرسة والأسرة والإعلام كي نعدل هذه السلوكيات، والعنصر الرئيس في إنجاح هذه المهمة هو المعلم، وإذا لم يكن المعلم يمتلك القدرة والمهارة، فإننا سنواجه مشكلة كبيرة في بناء الجيل.
وقال نديم : “لدينا مشكلة حقيقة في المؤسسات التعليمية في العالم العربي، وهي أن العنصر البشري يمتلك القدرة والكفاءة لكنه لا يمتلك حرية التصرف وحرية العطاء، حيث تُعيقه القوانين والأنظمة والرقابة الأمنية.
الدكتور رمزي هارون قال : “إن القبة الحديدية التي قُدمت للعالم كأسطورة لتسويقها ولبيعها في سوق السلاح العالمي، حطمت صورتها صواريخ المقاومة، حيث أثبتت المواجهات الأخيرة تدنّي كفاءتها بما لا يزيد عن 16%.
وبالرغم من التبريرات والمسوغات التي ساقها الإعلام الصهيوني لتبرير انخفاض هذه النسبة غير أنها تبقى الحقيقة بأن أجواء الاحتلال غير قابلة للحماية حتى الآن من صواريخ متوسطة المدى، وأن بعض المواجهات الميدانية كما في حي الشجاعية سقط فيها عشرات الجنود خلال ساعات بين قتيل وجريح ، ولولا الجهود الاقليمية والدولية لدعم الموقف الصهيوني وتشجيعه على الصمود لأعلن الكيان الصهيوني هزيمته وأوقف اطلاق النار من جانب واحد، كما فعل عام 2009، حيث كان رئيس وزرائه وقتها قد أعد العدة لسحب 12 ألف جندي من المعركة واستبدالهم بآخرين بسبب الإنهاك والانهيار المعنوي الذي أصابهم .
وأضاف هارون أنه رغم الإنجاز والتحول الذي تحقق في الحرب، فإن المشهد الفلسطيني والعربي ما زال أمامه الكثير من التحديات لاستكمال هذا الإنجاز، فما حدث في غزة يعتبر بالفعل تحولاً كبيراً يمكن له أن يغيّر في نظريات الصراع العربي الصهيوني الممتد منذ فترات طويلة.
ومن أبرز هذه التحديات تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وحماية المقاومة برنامجاً وسلاحاً، وإعادة القضية الفلسطينية إلى موقعها العربي والدولي، والقدرة على الاستثمار السياسي للإنجاز في غزة، والضغط المستمر على الكيان الصهيوني للالتزام بشروط وقف إطلاق النار، وتمكين المقاومة من الاستعداد للجولة التالية من الحرب.
من جهته، قال الزميل فايز الشاقلدي، إن أطفال غزة يملكون من الصلابة النفسية ما لا يمتلكه الأطفال في الدول المجاورة فالطفل في غزة يولد مشروع مقاوم، مشيراً أن الطفل الفلسطيني الذي كان في حرب غزة عام 2007 في بداية العاشرة، فهو اليوم في الحرب الدائرة هذا العام 2023 قد بلغ السادسة والعشرين من عمره وأصبح مقاوما يحمل السلاح ليدافع عن وطنه وشعبه، وأضاف أنه عندما يرى أطفالنا على شاشات التلفاز ما يحدث يتساءلون: ” هل سيحدث بنا ما يحدث بأطفال غزة؟”، مما يدعونا أن نتعامل مع هؤلاء الأطفال بوعي وحرص على مشاعرهم ونفسياتهم.
وفي معرض حديثه عن الإبتلاء يقول الدكتور منتصر الحروب أن ما ورد ذكره في سورة البروج، من قصة أصحاب الأخدود هو مثال على التضحية والثبات على المبدأ، حيث أثبتت السورة أنه تم حرق الناس في الأخدود، لأنهم آمنوا بالله، ووصفت السورة الملك وأعوانه كشهود على هذه المحرقة، مبينًا أن ما دفع الملك للانتقام من هؤلاء المؤمنين هو فقط مجرد الإيمان بالله.
ويؤكد الحروب أن أهل غزة قدموا للعالم أجمل القصص في التضحية والتحمل والشجاعة، وهم يرون أطفالهم يُقتلون أمامهم ولا يقولون إلا “الحمد لله”، ولا يشعرون بالهزيمة والاحباط .
فيما بين الدكتور رمزي هارون في جانب أخر أهمية مخاطبة العالم بلغته حتى يعرف العالم الغربي حقيقة الصراع في المنطقة، مبينا أن معرفة الحقيقة ومواكبة هذه المعركة بحاجة إلى إعداد طويل لكي ننتصر ، وكذلك بذل الجهد لكي يقتنع كل طفل بالحقيقة بغض النظر عن دوره .
وبيّن الدكتور هارون مدى العبر والاستفادة من هذه المعركة ، حيث كانت الأمة العربية مستهلكة، ولكن اليوم أصبحت أمة منتجة ، وهذا يوصلنا إلى موضوع المقاطعة عند المواطن العربي عموماً والأردني خاصة، إذ لمسنا تغيرات في عاداته الاستهلاكية من خلال دعم المنتجات الوطنية ودعم الاقتصاد الوطني، مشددا على أهمية الإعداد الشمولي لهذا الأمر وضمن منظومية شمولية، فالمعركة تحتاج كل الناس ، تحتاج الإعلامي والاقتصادي والصناعي والتاجر والمعلم في المدرسة والممرض في المستشفى لكي يتحقق النصر .
ولفت هارون إلى أهمية الإعداد الأُسري في تشكيل المعرفة وتوعية الأطفال وتزويدهم بما يلزمهم، من معرفة وحقائق واتجاهات، حتى لا ينسى الأطفال عدالة قضيتهم وتاريخهم المشرف.
وأوضح أنه حتى لو لم تدرس القضية الفلسطينية في المدارس فهناك مدرسة رديفة أخرى تلعب دورها في تعليم الأطفال عن القضية الفلسطينية، وهي مدرسة الأسرة، حيث تعتبر الأسرة المؤسسة التربوية الأكثر أهمية للتربية والإعداد، مشيراً إلى أن المشاهد المؤلمة التي تُدمي القلوب، أحيانًا تجلب انتباه الأطفال وهم يشاهدون التلفاز، أو عبر مواقع ومنصات السوشيال ميديا، فهذه المشاهد والمجازر المروعة فرصة ذهبية ينبغي استثمارها لتوعية الأطفال فيما يحدث.
ودعا الدكتور الحروب إلى تقديم مبادرات مثل حصالة الأقصى بحيث يتعلم الطفل لتبقى القضية حاضرة في ذهن هذه الأجيال .
وختمت الدكتورة ميرفت سرحان بالدعوة إلى أهمية العناية والاهتمام بالصحة النفسية وضرورة تدريسها في المدارس، خاصة أننا في هذه الأيام نعيش ظروفاً عصيبة تتمثل في الحروب، التي تؤثر على أطفالنا وهم يشاهدون مناظر القتل والدمار تُبث مباشرةً أمام أعينهم.
وخلُصت من مداخلات المشاركين إلى مطالبة الجهات المختصة والمعنية بالتعامل مع الأطفال والشباب بضرورة التحرك وإعادة تدريس منهاج القضية الفلسطينية ومادة علم النفس في المدارس والجامعات، وأن لا نكتفي بالشجب والاستنكار وإنما نمارس دورنا ونتحمل مسؤولياتنا في الإعلام بكشف ممارسات الاحتلال وقتله للأطفال والنساء، وانتهاكه لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وأن تتكاتف جهود الجميع وفي مقدمتهم المعلمين لمعالجة الآثار النفسية التي تسببت بها الحرب على الأطفال.