ماجد توبه
المتابع لتطورات الحرب العدوانية على قطاع غزة يلمس بوضوح ارتفاع فداحة المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين واتساع القصف الوحشي للمرافق الصحية والمدنية وسيارات الإسعاف، ويترافق ذلك مع تعثر عمليات التقدم البرية لقطعان الاحتلال وتكبدها خسائر كبيرة من قبل المقاومة على الأرض.
اللافت هنا؛ أن اشتداد الوحشية الصهيونية ضد المدنيين ومجازرها في الأسبوع الأخير يتوازى مع تزايد النشاط الدبلوماسي دوليا وعربيا، ومع تزايد صوت وتحذيرات المنظمات الإنسانية الدولية من شراسة ونازية من يجري على ارض غزة، وهو حراك دبلوماسي وإنساني يدفع بقوة إلى محاصرة إسرائيل وتعرية جرائمها ويضغط باتجاه وقف إطلاق النار والوصول إلى هدنة إنسانية وفتح الباب للمساعدات الاغاثية.
قطع العلاقات مع إسرائيل وطرد سفرائها يتواصل ويتزايد دوليا وعربيا، وحجم الادانات والتحذيرات من نازية إسرائيل يتوسع رسميا وشعبيا حول العالم، وقرار الهيئة العامة للأمم المتحدة بإدانة استهداف المدنيين الفلسطينيين والدعوة لوقف إطلاق النار راكم على ايجابية الحراك الدبلوماسي الدولي ضد الحرب، ولم تعد إسرائيل ولا الولايات المتحدة بقادرتين على تضليل الرأي العام الغربي والدولي بهول ما يجري من جرائم ضد الإنسانية في غزة.
حتى الولايات المتحدة، التي تتلطخ أيديها بجرائم الابادة بحق الفلسطينيين بدعمها المطلق للعدو الاسرائيلي، بدأت تتوقف قليلا وتتحدث عن قساوة المجازر الاسرائيلية عبر القصف الجوي المجنون، والموقف الاميركي بات يحاصر من قبل الراي العام الدولي والاميركي نفسه بضرورة الغاء الشيك المفتوح لاسرائيل لارتكاب الابادة.
الرئيس بايدن وكبار مسؤوليه باتوا يتحدثون عن فداحة المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون وضرورة خفض اسرائيل الاعتماد على القصف الجوي الاعمى والتركيز على الجهد البري، وتجنب الاستهداف المتواصل للمرافق الصحية والانسانية والوصول الى هدن انسانية بفتح معبر رفح للمعونات وخروج الاجانب من غزة.
ما لا يصرح به الامريكيون رسميا لكن تسربه الصحافة الاميركية والاسرائيلية هو أن الامريكيين باتوا على قناعة بعجز اسرائيل عن تحقيق اهدافها الكبيرة التي وضعوها من سحق حماس واحتلال غزة وفرض ادارة جديدة فيها، بل وتذهب هذه التسريبات الصحفية الى ان التقييم الامريكي لوضع القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية هو في أدنى التقييمات، لناحية التخبط واحتدام الخلافات البينية وعدم القدرة على ادارة الحرب، ناهيك عن فقدان الثقة التامة بنتنياهو الذي بات واضحا ان همه الرئيس هو البقاء بالسلطة والتهرب من لحظة الحقيقة بمحاسبته عن كل الاخفاقات التي ارتكبها واوصلت اسرائيل الى هذه الهزيمة النكراء والانهيار الكبير يوم 7 اكتوبر.
في هذا السياق، يبدو واضحا ان اقدام القيادة الاسرائيلية على زيادة مجازرها بحق المدنيين وتوسيع الارض المحروقة بغزة يأتي استباقا او حتى محاولة لتخريب الجهود الدبلوماسية والانسانية التي تتسارع عمليا لوضع حد لاندفاع العدو الاسرائيلي بجرائمه ومجازره ووقف المذبحة المفتوحة بغزة. هي محاولة اسرائيلية يائسة لتحقيق انجاز بعد فشلها الانجاز بالتوغل البري، لكن ذلك لم ينجح على مدى شهر من فتح ابواب جهنم على الغزيين ولن ينجح في نهاية الشوط!
اسباب النصر للفلسطينيين واضحة في هذه الحرب؛ صمود اسطوري رغم كل الجراح والمذابح وحاضنة شعبية متماسكة خلف المقاومة فيما المقاومة صامدة وما تزال قادرة على المبادرة والمفاجئة للعدو بريا لا تنقصها الارادة والشجاعة والصبر… وما تزال القاعدة الذهبية حاضرة “النصر صبر ساعة”.