ماجد توبه
فيما تدور على أرض غزة حرب طاحنة وعدوان همجي يستهدف الإبادة، تساندها حرب وحصار سياسي غربي يتبنى الرواية الصهيونية الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني وحركة حماس والمقاومة، تدور حرب أخرى لا تقل ضراوة ميدانها مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام تستهدف طمس الحقيقة واغتيالها، وتبرير جرائم الكيان النازي بحق البشر والشجر والحجر في غزة، واسكات كل المنافحين عن الحقيقة.
هذه الحرب عبر الاعلام والفضاء الالكتروني يمكن تسميتها بحرب الوعي واغتيال الحقيقة وخطف الرأي العام العالمي بتغييبه عن المشهد الحقيقي للمجزرة المفتوحة بغزة، وبما يصب بالمحصلة بتمكين جيش العدو المجرم وحليفته، الشيطان الاكبر، بارتكاب مخطط الإبادة.
الإعلام الغربي ومؤسساته الكبرى التي تسيطر على سوق الاعلام وصناعة الراي العام، من “سي ان ان” و”بي بي سي” و”سي بي اس” ومعظم الصحف الاميركية والاوروبية سارعت من اليوم للحرب للكشف عن وجهها الحقيقي بذيليتها للوبي الصهيوني بشيطنة الشعب الفلسطيني و”دعشنة” حماس والمقاومة واظهار اسرائيل حملا وديعا تتعرض لعدوان وحشي من برابرة. حيث تجاهلت هذه المؤسسات التي اشبعتنا على مدى عقود حديثا عن المهنية والانسانية والاحترافية الموضوعية، كل هذه الشعارات و”القيم” بهذه الحرب ولتظهر كبوارج حربية متقدمة بخدمة العدوان وحرب الابادة.
أما مواقع التواصل الاجتماعي، التي شكلت في اخر عقدين ملاذا ممكنا لاصوات المقموعين، وبابا لاختراق محاولات تزييف الوعي والتضليل والاجندات للاعلام الغربي، فانها لم تستطع هي الاخرى الهروب من دائرة الفرز، وبدت على حقيقتها السوداء.. أدوات وبوارج اعلامية في خدمة المشروع الاستعماري الغربي الصهيوني، لا تتردد في الكذب والتضليل وتشجيعه ونشر انصاف الحقائق اذا ما خدم الرواية الصهيونية، فيما استنفرت لمحاربة المحتوى العربي والانساني الذي يريد نقل الحقيقة كما هي للعدوان الاسرائيلي ومجازره وحصاره النازي للقطاع بسكانه الابرياء.
فيسبوك وانستغرام وسناب شات ويوتيوب ومعظم المواقع الكبرى للتواصل الاجتماعي دخلت حرب الوعي والتضليل والانحياز للتعتيم على ما يجري في الحرب لصالح اسرائيل منذ اللحظات الاولى للحرب، وحتى ما قبلها، فيما بدت منصة إكس (توتير) جزيرة معزولة بفتحها الباب منذ بداية الحرب لكل الروايات ومنح المحتوى العربي والانساني والحقيقة مجالا للنشر والوصول للراي العام العالمي.
لكن للأسف الشديد، فان هذه المنصةx) ) او توتير تعرضت كما هو واضح لضغوط هائلة من اسرائيل والغرب للعدول عن موقفها المحايد، فعادت لمحاربة المحتوى العربي والفلسطيني الذي يكشف الجرائم التي لا تغطيها الشمس، وكان اخر لك الغاء صفحة\حساب “عين على فلسطين” الذي يضم ملايين المتابعين، وذلك بعد الغاء حساباتها على فيسبوك وانستغرام. ومثل ذلك طال الاف حسابات النشطاء والمواقع والكثير منها يتابعها الملايين وتنشر باللغات الاجنبية خاصة الانجليزية.
حتى الموقع الصيني “تكتوك” المنتشر على نطاق واسع، ورغم موقف الصين الرسمي الايجابي تجاه القضية الفلسطينية وضد الجرائم الاسرائيلية بغزة، فقد امعن في الغاء مئات الاف الحسابات المناصرة للحقيقة وللشعب الفلسطيني، فيما يتوقع ان ذلك “عربون” محبة للغرب للحد من حربه ضد “تكتوك”.
المشكلة التي لا يفقهها الاعلام الغربي ومواقع التواصل الكبرى ومن يديرها ويتحكم بها كالدمى، أن كل المحاولات لحجب الحقيقة وبشاعة ما يجري من جرائم ضد الانسانية والقانون الدولي في غزة لن تستطيع بالمحصلة حجب الحقيقة والكارثة الانسانية والمجازر الاسرائيلية.. والدليل هو تعاظم حجم التعاطف لدى الراي العام العالمي مع الشعب الفلسطيني عبر مظاهرات ومسيرات حاشدة بمدن غربية وامريكية وتزايد الاصوات المؤثرة في الغرب ضد العربدة الاسرائيلية وجرائمها التي يندى لها جبين البشرية.
نعم.. هو عالم ليس لنا!