عبدالحي: الأنظمة العربية لا تقيم وزنا للإرادة الشعبية
صدى الشعب – فايز الشاقلدي
أزمات الصراع العربي عموماً والقضية الفلسطينية خصوصاً مع العدو ” الاسرائيلي ” أدت إلى عمليات سياسية متوسعة أفضت إلى إتفاقيات السلام مع الدول المجاورة ، فالحكومة ” الاسرائيلية” في ذروة تطرفها وعنصريتها وهمجيتها ، وأثبتت عملية (طوفان الأقصى ) ، أن التفوق العسكري ” الاسرائيلي “بالسابق لن يحسم الصراع العربي ، ولن تحسمه كل الاتفاقيات المبرمة مع الدول العربية .
وتنص المعاهدات الموقعه بين الجانبين الاردني والاحتلال ” الاسرائيلي ” على هدف في ظاهرة سامي وهو تحقيق سلام عادل وشامل بين البلدين ، وفي ظل الظروف التي تعصف على قطاع غزة والدول العربية المجاورة والاردن تحديداً ، وبعد سلسله من مطالبات شعبية بالغاء إتفاقيات السلام والمعاهدات مع ” إسرائيل ” يرى إستاذ الدراسات المستقبلية الدكتور وليد عبد الحي ، أن الإلغاء لاتفاقية السلام له جانبين .
وأشار عبدالحي، إلى أنه لم تعلن أي جهة رسمية عن إلغاء المعاهدات ولا سحب سفراء ولا قطع علاقات مع الجانب “الاسرائيلي” ، مما يعني أن المعاهدات قائمة ، هذا من الجانب القانوني .
وأكد عبد الحي ، أن الظروف (من وجهة نظر الأنظمة العربية) التي عقدت في إطارها هذه الاتفاقيات لم تتغير تغيرا جوهريا( طبقا لاتفاقية فيينا ١٩٦٩)، وهو ما يعني أن النقد السياسي للسلوك “الاسرائيلي ” لا تبني الدول العربية عليه موقفا قانونيا.
* البعد السياسي
وأشار عبد الحي ، أن الأنظمة العربية أنظمة استبدادية لا تقيم أي وزن للارادة الشعبية ، لذا فان الرغبة الشعبية لا تشكل بأي شكل متغيرا جوهريا في اتخاذ القرار، وهو ما يعني السماح للجماهير بالغضب دون تغيير الواقع السياسي الإقليمي مع “إسرائيل” ، وإلغاء إتفاقياتها .
وفيما يتعلق بالجانب السياسي لنماذج القياسية المختصة ، يرى أن الأنظمة العربية بخاصة دول التطبيع هي الأكثر اختراقا خارجيا ، اي أن المتغير الخارجي في صياغة القرار العربي هو متغير مركزي .
ودلل الدكتور عبد الحي ذلك من خلال مؤشرات سياسية ، بأن المنطقة والانظمة العربية تقع في المرتبة ما بعد ٦٥ في المؤشرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وأنها الأعلى نسبة عسكرة بين أقاليم العالم السبعة المركزية في الإقليم العربي،حيث أن ( الإنفاق السعودي يفوق الإنفاق العسكري الروسي والاسرائيلي معا ، ولكن أثره الميداني هامشي .
وكشف عبد الحي خلال رده على ” صدى الشعب ” أن الأنظمة العربية خصوصا الدول المطبعة هي الأعلى أقاليم العالم في نسب الفساد .
وبين ، أن مصر ” الدولة المركزية في الاقليم العربي ” قد تراجعت في فترة السيسي بنسب ٦٤.٦% في ٣٥٢ مؤشرا من مؤشرات المكانة الدولية وعليها ديون تتجاوز ١٦٥ مليار دولار وخدمات أكثر من ٢٩ مليار دولار في العام القادم.
وأوضح عبد الحي ، أن معدل الاستقرار في العام الماضي هو 5.2 من عشرة بينما معدل الاستقرار العربي 2.2 من عشرة اي اقل من نصف المعدل العالمي ، وهذا يدل على أن موشرات الدول العربية دول هشة للغاية وعلى مجتمع معزول عن التأثير على القرار السياسي ، فتغيير البيئة السياسية والقانونية في الصراعات الدولية لا تتم بالاستنتاجات والتكهنات الاعلامية .
* الذكرى 29 لاتفاقية وادي عربة
دخل الأردن عامه الـ29 على توقيع اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية المعروفة بـ”معاهدة وادي عربة”، مع توسع في المشاريع الاقتصادية الإستراتيجية بين جانبي المعاهدة ، والشعب الأردني لا يزال على موقفه الثابت الرافض لهذه الاتفاقية ولكل أشكال التطبيع، مواصلاً مطالبه بإلغائها
أما العلاقات الرسمية بين الطرفين، فتبدو في حالة غير مستقرة سياسياً، صعوداً وهبوطاً، فيما التنسيق الأمني وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية مستمر، ليبقى الجدل الرسمي والشعبي بشأن تقييم الاتفاقية محتداً، ترتفع وتيرته مع كل انتهاك إسرائيلي جديد بحق الأردن وفلسطين، وهي انتهاكات واستفزازات لا تتوقف ، خصوصاً بعد ” طوفان الاقصى ” .
* الباقورة والغمر واتفاقيات السلام
في نهاية ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي، بدأت مرحلة جديدة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، إذ وقّع الفلسطينيون بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق سلام انتقاليًّا مع “إسرائيل”، عُرِف باتفاق إعلان المبادئ، أو اتفاق أوسلو في العام 1993، وكان ذلك في ظل تطورات إقليمية ودولية متعددة دفعت الفلسطينيين والعرب باتجاه السلام مع دولة الاحتلال.
بعد توقيع اتفاق أوسلو، وقعّت الأردن و”إسرائيل” معاهدة سلام دائمة في العام 1994، عرفت باتفاقية وادي عربة. وتضمنت المعاهدة عددًا من القضايا، مثل الحدود والمياه والأمن والاقتصاد والسياحة والبيئة. كما نصّت على إنهاء حالة العداء بين الأردن و”إسرائيل”، وأن تصبح العلاقات بين الطرفين طبيعية كأي دولتين متجاورتين في العالم.
وتضمنت المادة الثالثة من المعاهدة، المخصصة لموضوع الحدود بين “الدولتين”، بقاء ثلاث مناطق تحت الاستخدام الإسرائيلي، وهي: الباقورة، والغمر، والمنطقة الواقعة عند خليج العقبة.
تخضع الباقورة، الواقعة شمال الأردن، لنظام خاص تحت السيادة الأردنية، وفيها حقوق امتلاك خاصة إسرائيلية. وتأتي خصوصية الباقورة من سياقها التاريخي حين منحت سلطات الانتداب البريطاني، في العام 1926، شركة الكهرباء اليهودية المملوكة لبنحاس روتنبرغ حق امتياز توليد الكهرباء باستخدام مياه نهرَيْ الأردن واليرموك، ثم بيعت 6 آلاف دونم للشركة بعد عامين من قبل الحكومة الأردنية آنذاك وبضغط من الانتداب. وهذا الجزء من أراضي الباقورة يختلف عن الجزء الذي احتلته “إسرائيل” في العام 1950، الذي يقدر بحوالي 1390 دونمًا، والذي دارت حوله مفاوضات وادي عربة. وأثناء المفاوضات، زعمت دولة الاحتلال بأن هناك حوالي 830 دونمًا هي أملاك إسرائيلية رفضت التنازل عنها، الأمر الذي أقر به المفاوض الأردني.
أما المنطقة الثانية، وهي الغمر، فقد خضعت لنفس النظام الخاص الذي خضعت له الباقورة لمدة 25 عامًا، والتي انتهت مؤخرا، وللغمر سياقها التاريخي، ففي العام 1968، احتلت “إسرائيل” أجزاء كبيرة من أراضي جنوب وادي عربة، التي وصلت في بعض المناطق إلى حوالي 8 كم وبطول 128 كم، تحت شعار التصدي لعمليات المقاومة.
أما المنطقة الثالثة، فهي الواقعة عند خليج العقبة، وقد تأجل التفاوض حولها، حسب البند السابع من المادة الثالثة من معاهدة السلام، مدة تسعة أشهر. وهي منطقة احتلتها “إسرائيل” في العام 1949 أثناء مفاوضات الهدنة، فيما يسمى بعملية “عوبدا” التي تعني الواقع. وبهذا، احتلت “إسرائيل” مدينة أم الرشراش بمساحة قدرت بحوالي 7 كم مربع، وأنشأت ميناء إيلات على البحر الأحمر. وفي مفاوضات السلام بين الأردن و”إسرائيل”، لم يتنازل الإسرائيليون عن أم الرشراش؛ متحججين بإشكالية ترسيم الحدود منذ زمن الانتداب، فتمسك الإسرائيليون بحدود العام 1946، وتنازل المفاوض الأردني عن تلك المنطقة.