ماجد توبه
على هامش المجزرة الإسرائيلية مقابل الملحمة الأسطورية في غزة المستمرة منذ أسبوعين، يتردد السؤال دائما عن موقف حزب الله اللبناني من هذه الحرب، ويذهب سؤال العديدين إلى حد التشكيك بمواقف المقاومة اللبنانية واتهمامها بترك غزة لمصيرها، والتراجع عن شعار وحدة الساحات الذي رفعه الحزب دائما.
لا نبالغ إن قلنا أن الكثير ممن يأخذون على حزب الله عدم دخوله الحرب، وفتح جبهة الشمال ضد العدو الصهيوني، هم أنفسهم لا يريدون ذلك ويتمنون أن لا يحصل لإثبات ما يؤمنون به من أن الصراع العربي مع حزب الله وإيران يتقدم على الصراع مع العدو الإسرائيلي وحليفته المجرمة أميركا، كما يهلوسون!
لنناقش بهدوء هذه المسالة..
أولا؛ لا يحتاج عاقل او محايد لكبير جهد ليقر بأن إسرائيل وأميركا والغرب يضعون حزب الله على رأس قائمة الأعداء، وربما بما يفوق حركة حماس نفسها قبل طوفان الأقصى. أما حديث الهلوسة عن عدم وجود مثل هذا العداء الجذري، كما يروج أشباه كتاب ومحللين منحازين لمعسكرات الربيع العربي والانقسامات الطائفية، فهذا الخطاب متهافت ولا يحترم عقول المخاطبين به، وتربأ بنفسك عن المجادلة فيه.
فليس حزب الله فقط من يدفع ثمن العداء الإسرائيلي الأميركي بل لبنان كله، الذي دفع به الحصار والاستهداف إلى اتون الفشل والشلل الاقتصادي والمعيشي والسياسي وباتت أوضاع الصومال أفضل من أوضاعه، كل ذلك لرفع الكلفة الإنسانية والحياتية على اللبنانيين جراء احتضان المقاومة وعدم التخلي عنها. ولبنان اليوم بات هشا ومحطما إلى درجة مخيفة جراء تكالب الغرب وبعض العرب عليه حصارا وقطعا للمساعدات وتدخلا في شؤونه.
وهنا نصل إلى مربط الفرس للرد على سؤال عدم مبادرة حزب الله للدخول للحرب نصرة للشعب الفلسطيني وغزة، بل وحماية لنفسه في مقبل الأيام، حيث أن المعروف أن الهدف اللاحق للقضاء على المقاومة بغزة كما تحلم وتخطط أميركا وإسرائيل هو حزب الله.
الجواب قد يبدو بسيطا لكنه عميق، فحزب الله فقد وفي ظل الانهيار شبه الشامل للبنان دعم جزء واسع من حاضنته الشعبية من شتى الطوائف، وأي مبادرة لفتحه حربا على إسرائيل سيقابل بحملات قصف عدوانية واسعة للبنى التحتية اللبنانية ودمارا واسعا لن يختلف عما نشهده في قطاع غزة وشهدناه في حروب لبنان سابقا.
صحيح أن حزب الله، وحسب كل التحليلات والتقديرات، لديه قدرات اكبر من حماس على إلحاق أضرار اكبر بإسرائيل، لكن ذلك لن يمنع من تدمير لبنان جويا وبالصواريخ والبارجات حتى لو انتصر حزب الله في النهاية على العدوان الإسرائيلي والأميركي، فأي حرب يمكن أن يخوضها أي جيش آو مقاومة دون حاضنة شعبية او اقتناع من هذه الحاضنة بضرورتها.
المقاومة الفلسطينية في غزة لديها الحاضنة الشعبية الداعمة والمستعدة لدفع الثمن الكبير للعدوان على المدنيين والبنى التحتية، أما حزب الله اليوم فهو لا يملك مثل هذه الحاضنة ليبادر للحرب فيكتفي بالمشاغلة والاشتباكات المحدودة ورفع حالة التأهب لدى الإسرائيلي لتخفيف الضغط عن غزة.
متى يمكن لحزب الله أن يدخل الحرب، ونعتقد جازمين انه يتمنى ذلك اليوم قبل الغد؟ لتتحقق وحدة الساحات وتجتمع قوته مع قوة المقاومة الفلسطينية في الحرب. اعتقد أن حزب الله يسعى ليورط إسرائيل لان تكون هي المبادرة لفتح الجبهة اللبنانية ويأتي دخوله رد فعل لذلك.. ليرفع عن نفسه المسؤولية أمام اللبنانيين ويضمن تأييد الحاضنة الشعبية لما هو مقبل.
أميركا وإسرائيل تفهمان هذه المعادلة جيدا فيتجنبان تغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله قدر الإمكان.. لكن ذلك قد لا يدوم طويلا فالساعات والأيام حبلى بالمفاجات!