نورالدين نديم
مع ولادة الدستور الأردني عام 1952، استنشق المهنيون أنفاسهم بحرية إنشائهم لنقابات تعنى باحتضانهم مهنيا ضمن اطار وطني ملتزم ومسؤول.
واستمرت بعدها التشريعات النقابية صعوداً وهبوطاً تماهياً مع الظرف والمستجد في مختلف الصعد، حتى وصلنا إلى ما صلنا إليه في القرن الحادي والعشرين من تنوع في المسميات وضعف في المحتوى والأداء، لأسباب بنيوية داخلية ولتأثيرات خارجية، كان منها عجز التشريع عن التطور والتحديث، وضعف التنفيذ من تمكين المؤسسات النقابية ودعم العاملين فيها.
مما أدى إلى حالة من الفصام داخل مؤسسات العمل النقابي من جهة وفقدان الثقة بين المهنيين والعمال ونقاباتهم من جهة أخرى.
ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الحالة المتدحرجة ككرة الثلج سلباً على عجلة الانتاج وبالتالي على الاقتصاد المترهل بفعل كورونا من جهة والتخبط في الإدارة التشريعية والتنفيذية من جهة أخرى.
إن النقابات وجدت لتعزيز وحماية حقوق منتسبيها ودعم واسناد الحركة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية من خلال تنظيم مزاولة المهن وتطويرها بذاتها وبالممارسين لها، ولأجل ذلك كان حرياً بالمشرع أن يلم بالمشهد من كل زواياه فيعدل ويطور على تشريعاته مستعيناً برؤية ورأي من داخل ميدان العمل وخبراء المهنة، وكان يجدر أيضاً بالمنفذ لهذه التشريعات أن يلتزم بروحها لا نصها ويراعي الظرف ويهيئ البيئة الصالحة والمناسبة للعمل.
وإن من الخطورة بمكان أن يتم إفراغ المؤسسة النقابية من محتواها أو تقليص مساحة مهامها وواجباتها، تحت أي حجة أو مبرر، لتتحول مع الأيام لجمعية خيرية “على فضل الجمعيات وأهمية دورها في مجالها”، لكن ليس لهذا أنشئت النقابات ولا لأجل ذلك أنتسب الناس لها.
إن فشل النقابات في أداء مهامها المأمولة من قبل منتسبيها ولا يلبي سقف توقعاتهم، يزيد من الهوة ويفقد المنتسبين لها دافعيتهم للمشاركة في العملية الانتخابية خاصة والعمل النقابي عامة، بل وقد يطال ثقتهم بجدوى العمل المؤسسي والعملية الديمقراطية ككل، مما يستدعي تدخلاً سريعاً من أصحاب القرار بتشكيل لجنة لإصلاح وتحديث وحماية منظومة العمل النقابي على غرار لجنة تحديث المنظومة السياسية، وذلك للخروج برؤية تكاملية تشريعية تواكب التطور الحاصل وتراعي المستجد وتهيئ لبيئة آمنة صالحة تفوض وتمكن المؤسسات النقابية من أداء رسالتها والقيام بواجباتها في النهضة والبناء الوطني..