صدى الشعب – فايز الشاقلدي
لا شك أن سياسة الأبواب الخلفية والمغلقة هي سياسة التخفي وعدم ثقة المسؤولين بأنفسهم وقراراتهم، الآمر الذي يجعل كاميرات الإعلام والصحفيين تقبع خلف تلك الأبواب بانتظار معلومة مسربة، سواء كانت من مصدر نيابي أو غيره … !
تظهر إشكالية الأبواب الخلفية بوضوح وخلال دورة مجلس النواب الأخيرة، حيث تدخل فيها أيضا منع التصوير أثناء انعقاد اللجان النيابية، الأمر الذي ظهرت هذه الإشكالية خلال انعقاد اللجنة القانونية لمناقشة مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، والذي دعا فيها رئيس اللجنة غازي ذنيبات إلى حرية التعبير، وأن المجلس ضد أي قانون يحد من حرية الصحافة والمواطنين .
المثير، أن اللجنة القانونية اجتمعت بمؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية وتسلمت المقترحات المقدمة من قبلهم ، جميعها أمام الأعلام ، الأمر الذي لا نستطيع إنكاره، وفتح باب الحوار من الرئيس الصفدي، كان ظاهريًا إيجابي ولو جزئي.
الضربة التي تلقاها الإعلام خلال اليومين الماضيين، تمثلت بإغلاق اللجنة القانونية أبوابها أمام الصحفيين، حيث شرعت بإقرار وتعديل مشروع القانون، فكانت سيارات الوزراء والفريق الحكومي تدخل من الأبواب الخلفية للمجلس، كي لا ترصدها كاميرات الإعلام ، وكي يُدبر القانون ليلاً بكل معنى الكلمة ، التي تعتبر إجراءات غامضة جداً .
* تسريبات من خلف الأبواب الليلة
ومن خلال متابعة ليلية، حصلت ” صدى الشعب ” على معلومات من مصادر نيابية رفيعة المستوى، أن اللجنة القانونية شرعت مشروع القانون لسنة 2023 .
وأكد المصدر، أن التعديل جاء على المواد 15،16،17 ، استجابة لمطالب نقابة الصحفيين والمحاميين ، وخفضت العقوبات النافذة بنسبه 50 % .
ومن المرجح أن يدعو رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي ، المجلس يوم الخميس المقبل لاطلاع أعضاء مجلس النواب على التعديلات الصادرة عن اللجنة القانونية.
وتابع المصدر ، أن اللجنة القانونية أضافت بنداً الى القانون حول الابتزاز والحد من الذم والقدح .
* انتقادات نواب
وقال النائب ينال فريحات، إن الحكومة أرسلت مشروع القانون إلى مجلس النواب ليلة السبت وقبل انطلاق أعمال الجلسة الأولى بساعات، فيما أقرّت اللجنة القانونية في مجلس النواب مشروع القانون خلال جلسة سريّة ليليلة الثلاثاء مع تعديلات شكلية بسيطة”.
وأكد فريحات لــــ” صدى الشعب ” إن قانون الجرائم الالكترونية ” دُبر ليلاً بكل معنى الكلمة”، وأنها إجراءات غامضة جداً.
وأختتم فريحات، أن الأمور المخفية تثير الريب لدى المواطن، حتى الأشخاص الذين يعتبرون أن القانون تضمن بعض الأمور الايجابية، عليهم إعادة النظر بموقفهم والتفكّر بالأسباب التي دعت إلى كلّ ذلك الحرص والتخفي، وهل هي الغيرة على الوطن والمواطن والمصلحة العامة؟!
وقال عضو مجلس النواب النائب صالح العرموطي ، إنه حتى وإنّ أقر مجلس النواب هذا القانون، فمن أجل مصلحة البلد يجب أن يتم سحبه من خلال إيعاز ملكي.
ووجه العرموطي خلال تصريح صحفي وصل ل” صدى الشعب ” نسخه منه, نصيحه بسحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية؛ استجابةً لنبض الشارع الأردني ومن أجل مصلحة الوطن”.
وأشار إلى أنه يوصي بردّ أو سحب القانون لأن مصلحة الوطن فوق أي اعتبارٍ كان.
* انتقادات عالمية
كما وجهت الخارجية الأمريكية انتقادات حادة لقانون الجرائم الالكترونية حيث يمكن ان يقوّض جهود الإصلاح السياسي ، في الأردن .
ووجّه النائب الرئيس للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، انتقادات لاذعة لمشروع قانون الجرائم الالكترونية الذي قدّمته حكومة الدكتور بشر الخصاونة إلى مجلس النواب وأقرّته اللجنة القانونية في المجلس دون تعديلات جوهرية.
وقال باتيل خلال المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الخارجية الأمريكية، إن مشروع القانون يقيّد حرية التعبير عبر الانترنت وخارجه، وقد يؤدي إلى عرقلة الاستثمار المستقبلي في قطاع التكنولوجيا.
وأضاف باتيل أن هذا النوع من القوانين، بتعريفاته ومفاهيمه الغامضة، يمكن أن يقوّض جهود الاصلاح الاقتصادي والسياسي المحلية في الأردن، ويقلل من الحيّز المدني المتاح أمام عمل الصحفيين والمدوّنين وغيرهم من أفراد المجتمع المدني في الأردن.
وأكد باتيل أهمية حماية حرية التعبير، والحوار المفتوح، والخطاب التفاعلي وتبادل المعلومات، بما في ذلك الصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي على الانترنت من أجل تحقيق الازدهار في الدول.
مع سياسة الأبواب المغلقة والخلفية، يبقى السؤال ملحاً حول ما يحدث تحت القبة إلى متى .. ؟ هل سنبقى ننتظر رحيل الحكومة ..؟ أم نبقى على أمل الأسابيع القليلة المقبلة بحل مجلس النواب….؟