اللجنة القانونية هل تحقق التوازن بين توجهات الحكومة والعاصفة الإلكترونية لإسقاط القانون
صدى الشعب – فايز الشاقلدي
يسعى مشروع قانون الجرائم الالكترونية إلى اغتيال الحناجر وإسكات الأصوات ، ضمن بعض البنود التي تجيز حبس وغرامات تفوق دية المقتول، دون النظر إلى أن المشروع لا يحاكم الفرد فقط، بل المعطيات جميعها خطيرة تؤثر على العائلة والمجتمع، هذا لا يعني أننا ضد ردع الابتزاز، لكن البنود الواردة في القانون لا تتفق مع أدني شروط حرية التعبير والتفكير ، الغرامات المالية كبيرة في حال إقرارها ، ولا أعتقد أن مثل هذه المبالغ قادر على دفعها المواطن الأردني ، فالمخرج القانوني الوحيد في حال عدم الدفع زيادة سنة سجن.. الأمر الذي سيحول الأردن إلى سجن مفتوح.. !!
وعلى مدى ما يزيد عن أسبوع لمناقشة اللجنة القانونية النيابية لمشروع القانون الذي أحيل بعد الجلسة الأولى للمجلس النواب خلال دورته الاستثنائية، انشغلت النخب من حقوقيين وصحافيين ومؤسسات المجتمع المدني، بتقديم مقترحات ومذكرات تطالب بسحب القانون والتعديل عليه، واجتماعات دورية تحمل في طياتها المعارضة للقانون، وطلب تراجع عن مشروع اعتبره البعض جائر وظالم.
لكن الأمر المثير للقلق ومن خلال متابعه ” صدى الشعب ” للشؤون البرلمانية في مجلس النواب، أن رئيس اللجنة القانونية يسعى لاستضافة الأشخاص الذين يؤيدون التعديل على بعض البنود التي هي من بداية الأمر ستعدل دون نقاش، فقط لوحظ أن جميعهم يناقشون نفس البنود ويطالبون بنفس الطريقة بتعديل المصطلحات فقط..هل هذا الأمر هو المطلوب حاليًا.
من المفترض أن يكون مجلس النواب الحصن المنيع والملاذ للدفاع عن حريات الشعب ولسان الحق كونه مجلس منتخب من المواطنين..لكن في بواطن الأمور القانون سيمرر بمباركة من أعضاء مجلس النواب، ولكن المؤسف في ظاهر الأمر أن بعض النواب دافع عن القانون، فيا في بواطن الأمور يحثون على تمريره للحكومة ، دون عرضه على اللجنة القانونية.
* تناقضات بين الرئاسة واللجنة القانونية .
يبدو أن التوجه الرسمي الذي صرح به رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، الأحد، خلال ترؤسه جانباً من اجتماع اللجنة القانونية بأن القانون لا يحمل صفة الاستعجال، ويحظى بدعم خفي من قبل شخصيات نافذة في الأردن، على عكس ما قاله رئيس اللجنة القانونية غازي ذنيبات، بأن مشروع قانون الجرائم الالكترونية سيحال بصفة الاستعجال والحكومة طلبت إقراره بعجل .
وأكد الصفدي، أننا في المجلس مع حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام والصحافة ونتقبل الرأي الآخر والنقد البناء الذي يقود إلى تحقيق المصلحة العامة، لكننا بالوقت ذاته يجب أن نقف إلى جانب تشديد العقوبة والغرامة بحق المسيئين والممارسين للابتزاز واستهداف المجتمع وسلامته.
يبدو المشهد هنا، أن التقارير الموضوعة على مكتب الصفدي والذنيبات قد هولت من أمر النقد على الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وحاولت هذه الجهات استماله أصحاب القرار، للنيل من رواد( السوشيل ميديا )، والحد من ممارساتهم ونقد المسؤولين وأداء عملهم .
حجم المعاناة إذا تم تمرير هذا القانون سيكون مؤلمًا وكارثيًا بلا شك على كافة مكونات المجتمع وخاصة النخب السياسية والصحافية والاجتماعية والاقتصادية..نقول (مؤلما)، لأن المساحة التي يمتلكها المواطن ستتقلص إن لم تنعدم في حرية التعبير، التي كفلها الدستور، وأقرتها كل الشرائع السماوية والتشريعات الأرضية، لطالما أن التعبير بكل صيغه ومفرداته يخلو من العنف، والكراهية، والتطرف..لكن هذا ليس وارد في بال الشخصيات النافذة التي تحاول الاستبسال لإقرار القانون، دفاعا عن مصالحها،وتحصين لمواقعها ..فما يحتاجونه هو حصانة مطلقة .
* ضبط الفضاء الإلكتروني.. والغرامات المالية فادحة
كما أشار الصفدي، أنه يجب شمول مواد ضمن قانون الجرائم الإلكترونية أكبر من المعمول بها حاليًا، لضمان وضع حد لكل من يحاول ” تخريب” الاقتصاد والمجتمع الأردني.
وأضاف خلال ترؤسه جانبًا من مناقشة اللجنة القانونية النيابية في اجتماعها الذي عقد أمس حول مشروع قانون معدل لقانون الجرائم الإلكترونية، أنه سيكون هناك تمييز بين وسائل الإعلام المنضبطة ومن يستخدم منصات التواصل الاجتماعي للصالح العام، ومن يقصد الإساءة وفرض عليه محاسبة شديدة.
وتابع ، أن مجلس النواب لو وجد هناك عدم حاجة للقانون كان سيكون القرار برده، والأمور واضحة للجميع بحاجة للفضاء الإلكتروني للضبط، بهدف عدم استغلال البعض للحريات في الأردن من خلال بث الشائعات والسموم التي تتطلب قوانين رادعة
ونوه انه قدم ما يزيد عن 100 نائب مداخلاتهم وتعليقاتهم على مشروع القانون ضمن القراءة الأولى، وكان هناك إجماع على ضرورة تغليظ العقوبات.
وأكد مجلس النواب لا يشرع من أجل أعضائه أو الحكومة أو أي شخصية تشغل عملًا عامًا، وما يهمنا المواطن الأردني وضمان القضاء على الابتزاز، وتاريخيًا الدولة منذ الأزل لن تتبلى على أحد، والمجلس مع فرض غرامات أكثر وأكبر”.
وعلق الصفدي على مداخلة الحضور؛ ” اللي ما معه يدفع لا يجلد الناس”، بالإشارة إلى العقوبات المالية المرتفعة ضمن مواد مشروع قانون الجرائم الإلكترونية.
* 16 ألف قضية جرائم إلكترونية في 2022 منها ذم وتحقير بين “أقارب وجيران”
وأكد مدير وحدة الجرائم الإلكترونية الرائد أنس الحلاحلة، أن واقعنا الجرمي المتعلق بالجرائم الإلكترونية سجل ارتفاعًا كبيرًا بالأرقام، وهناك قضايا تُسجل تمس الأسرة والمجتمع وشركات عاملة ومؤسسات مالية ومصرفية.
وكشف الحلاحلة لــــ”صدى الشعب” أن جزءًا من الجرائم المرتكبة غير مشمولة بالقانون السابق أو يوجد نصوصا جرمية تجرم مرتكبها.
وبين؛ سُجل في الأردن 7600 قضية عام 2017 متعلقة بالجرائم الالكترونية، وارتفعت الأعداد وصولًا إلى تسجيل ما يزيد عن 16 ألف قضية خلال العام الماضي( 2022)، لافتًا إلى تسجيل 3700 قضية شتم وذم وتحقير،وكان المتخاصمون من خلالها بعيدين كل البعد عن الوظيفة العامة وغالبيتها بين ” الجيران والأقارب والأصدقاء” .
وأضاف: سلامة المجتمع وما يبحث عنه القانون المعروض أمام مجلس النواب، لا يعني حماية فئة معينة، في ظل ارتفاع وتيرة تداول البعض توجهات الدفاع عن المسؤولين.
بعد هذه المعطيات ما زالت الكرة في ملعب الشعب ، وامامه المتسع من الوقت على تضييق وعدم تمرير القانون ، فهل ستعترف الحكومة بخطأ المشروع ، وهل المناخات الشعبية والآراء الشبابية ستبقى تنتظر ..؟ علماً أن الملك خاطب الشباب بقوله ” إذا أردتم الإصلاح فارفعوا صوتكم ولا تصمتوا ..! ،