خبراء: الغرامات المالية التي تفرض على المخالفين غير مسبوقة في التشريع الأردني
صدى الشعب- سليمان أبو خرمة
اثار مشروع قانون الجرائم الالكترونية لعام 2023 الجدل في مجلس النواب اليوم الأحد أثناء عقد المجلس
أولى جلسات الدورة الاستثنائية، وطالب العديد من أعضاء المجلس بدراسة مشروع القانون جيدا، وخلال مناقشة مشروع القانون، طالب بعض أعضاء المجلس، برد مشروع القانون للحكومة.
كما أثار مشروع القانون الجدل بين كافة أطياف المجتمع الأردني بشكل عام والجسم الصحفي والإعلامي بشكل خاص، فتباينت الآراء بين مؤيد له ومعارض لبعض البنود.
ومنذ نشر نص مشروع القانون، فقد تباينت الآراء حول بعض البنود بين رائيين متضادين، الأول يرى فيه تعزيز وحماية للمستخدمين وتغليظ العقوبات على مرتكبي جرائم الابتزاز والاحتيال الالكتروني يقابله رأي آخر يرى فيها تقيد للحريات وتضيق على الصحفيين.
في هذا الخصوص، قال الرئيس التنفيذي السابق لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، إن هناك ملاحظات أساسية على مشروع قانون الجرائم الالكترونية إذا ما استبعدنا القضايا المتعلقة بالاحتيال والابتزاز والترويج للدعارة والتي ستلقى مكافحتها دعما مجتمعيا.
وأضاف، أن مشروع القانون لن يلقى مؤازرة حينما يتم التضييق على حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام وحين تكون السمة العامة للعقوبات باتجاهين الأول عقوبات سالبه للحرية من توقيف وحبس والشق الثاني الغرامات المالية المغلظة.
وأشار إلى أن هناك بعض المواد القانونية في مشروع القانون بحاجة إلى المزيد من الدراسة والضبط قانونيا ومنها “اغتيال الشخصية” والذي لا يوجد له تعريف، لافتًا إلى أن هنالك بعض الملاحظات حول مواد 24 و25 و30 و31 و33 خاصة المتعلقة بمنصات التواصل الاجتماعي والذي هي احد أدوات الإعلام للوصول للجمهور فإذا تم التضييق عليها بالتأكيد هو تقيد لحرية التعبير وحرية وسائل الإعلام.
من جانبه، دعا عضو مجلس نقابة الصحفيين الزميل خالد القضاة مجلس النواب إلى رفض مواد مشروع قانون الجرائم الالكترونية مثل المادة (15، 16 ،17) وردها، مطالبًا المؤسسات الإعلامية في حال قبول هذا القانون عدم رفع موادها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب القضاة عبر “صدى الشعب” مجلس النواب تعريف كل من “اغتيال الشخصية، الأخبار الكاذبة”، مشيرًا إلى ضرورة استبدال كلمات الذم والقدح الواردة في المادة في حال رفض رد مجلس النواب بكلمات السب والشتم.
وأشار القضاة إلى أن مفردات الذم والقدح الواردة في المادة 15 من مشروع قانون الجرائم الالكترونية فضفاضة الى درجة قد يلاحق فيها الصحفيين.
من جهته قال الخبير القانوني والدستوري ليث نصراوين، أن مجلس النواب كان يملك القدرة على رد مشروع القانون في القراءة الأولى قبل أحالت غلى اللجنة القانونية، مضيفا انه هذا لا يعني بأي حال من الأحوال انه لا يملك الحق في أن يرد مشروع القانون بالمراحل القادمة.
وأشار نصراوين في حديثه لـ”صدى الشعب” إلى أن مشروع قانون الجرائم الالكترونية لعام 2023 جديد وليس معدل للقانون الحالي، مما أثار العديد من التساؤلات نحو المبررات والأهداف التي دفعت الحكومة لتقديم مشروع قانون جديد بالكامل.
وتابع، أن قانون الجرائم الالكترونية الحالي والذي عمل به في عام 2015 ليس بالقديم وواكب الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا واستخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف نصراوين، أن الأهداف والمبررات التي دفعت الحكومة كان قد تم معرفتها وفهمها من خلال قراءة مشروع القانون الجديد
وأوضح، أن الحكومة اتبعت سياسة جديدة في التشريع والتجريم يقوم على أساس مضاعفة الغرامات المالية على الجرائم الكترونية، مؤكدا على ان الأرقام التي جاءت في مشروع القانون من حيث الغرامات المالية التي تفرض على المخالفين غير مسبوقة في التشريع الأردني حيث تصل الغرامة على جرائم معينة إلى 50 ألف دينار.
وزاد، أن الغرامات التي في مشروع القانون الجديد لم تكن في القانون الحالي حيث ان اعلى غرامة فيه وصلت الى 15 ألف دينار، مشيرًا إلى ان الحكومة عملت على سحب مشروع القانون الحالي وتقديم مشروع جديد لأنها ارادة تغير السياسة التجريمية والمبالغة في العقوبات المالية.
وتسائل نصراوين، هل الردع العام أو الخاص يتحقق من خلال العقوبات المالية ام كان ممكن استعمال وسائل آو آليات أخرى تقوم على التوعية والتدقيق من خلالها أن يمكن للحكومة تحقيق الهدف من قانون الجرائم الالكترونية.
ولفت، أنه من خلال استعراض مواد المشروع يجب الإشارة إلى بعض الصور الجرمية الواردة بالمشروع إيجابية مثل “اتلاف المعلومات او التسول الالكتروني او الجرائم المتعلقة في انتحال الشخصية”.
وبين أن الحكومة اتبعت سياسة جديدة بالمواد 15 و16 من مشروع قانون الجرائم الالكترونية فتم إعطاء الحق للنيابة العامة بتحرك في الجرائم المتعلقة بنشر أخبار كاذبة وذم وقدح وتحقير لشخصية العامة والموظفين بالقطاع العام دون الحاجة لتقديم شكوى.
وأضاف، أن هذه السياسة هي خروج كامل عن قواعد المسؤولية الجزائية والتي ربطت الذم والقدح بالدعاء بالحق الشخصي وهو ما إلغاء مشروع القانون بالإضافة الى حجم الغرامة المهول والذي يصل الى 40 ألف دينار على أي شخص يثبت قيامه بنشر معلومات كاذبة او ذم او قدح بحق أي شخصية عامة او موظف حكومي.
وأوضح نصراوين المادة 25 من مشروع قانون الجرائم الالكترونية والتي تضع المسؤولية على الناشر والناقل للمعلومة على حسابه او صفحته او قناته الالكترونية بحيث يعاقب على الجرائم التي ترتكب خلافا لأحكام المادة.
ولفت إلى المادة 37 التي تعلق بالطلب من المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي مثل (فيس بوك، تويتر وغيرها) التي خارج البلد ولديه أكثر من مئة ألف مشترك أردني ملزمة بإنشاء مكاتب لها داخل المملكة، مضيفا ان التساؤل الذي يدور في الوقت الحالي كيفية إنفاذ هذا النص القانوني وكيف يمكن مخاطبة أو الطلب من هذه الشركات العالمية بوجود فرع لها داخل المملكة.
وأكد نصراوين، أن المادة 15 من مشروع قانون الجرائم الالكترونية سهلة ملاحقة الشخص، مشيرا الى ان تميز بالمعاملة بين الذم والقدح العادي لا مبرر له.