“مطالبات بدراسة حالة المقترضين وتقييمها على أرض الواقع”
صدى الشعب- سامي جميل القاضي
تجسد قصص المقترضين في صندوق التنمية والتشغيل، شاهدًا حيًا على صمود الإرادة والتحدي في مواجهة الصعاب.
ففي ظل الأزمات الاقتصادية وتفشي جائحة كوفيد-19، وتداعياتها استطاع هؤلاء الأفراد تحقيق إنجازات ملموسة في بناء مشاريعهم الصغيرة وتوفير مصدر دخل لأنفسهم وعائلاتهم، لكن العقبات والتحديات التي واجهوها لم تكن أقل أهمية، فقد اضطروا للتكيف مع تغيرات الأوضاع ومواجهة تحديات مالية وإدارية.
واحدة من تلك القصص، هي قصة سلوى حماد، ربة منزل ومقترضة من صندوق التنمية والتشغيل، قررت استثمار قرضها في مشروع فساتين سهرة، وحققت في بدايةِ المشروع نجاحًا وارتفاعًا في الأرباح، لكن تفشي جائحة كوفيد-19 أجبرها على إغلاق المحل وتراكمت عليها الديون، مما جعلها تواجه تحديات جديدة في سداد القروض واستعادة استقرار المشروع.
تقول حماد، إنها اقترضت من الصندوق لفتح مشروع فساتين سهرة، حيث بدأت في المشروع عام (201٩)، وفي بداياتهِ كان يحقق أرباحًا ممتازة،” ووفر لي دخلاً جيدًا يغطي جميع التكاليف وتكاليف عائلتي”.
وأشارت إلى أنَّ تفشي جائحة كوفيد-19 كان السببَ الرئيسي في فشلِ المشروع وإغلاق المحل، وعلى الرغم من مساعدةِ صندوق التنمية والتشغيل من خلال تأجيل الأقساط، إلا أنهم كانوا مضطرين لدفع أجرة المحل على مدى فترة طويلة، مما أدى إلى تراكم الديون بشكلٍ كبير.
وأوضحت، أنَّ إيجار المحل كان سببًا ونتيجة لتراكم الأقساط بعد بدءِ الاستحقاق الشهري لصندوقِ التنمية والتشغيل، حيث كانت قيمة القسط (١٠٢) دينار، لتصل جموع الأقساط المتراكمة لدى صندوق التنمية والتشغيل حوالي (٢٠٠٠) دينار، وتم حجز الأملاك وسدها من الكفيلين الأول والثاني.
وجراء ذلك، كما تقول حماد تقدمت إلى صندوق التنمية والتشغيل لطلب جدولة القرض، فدفعت 600 دينار لفك الحجز، إلا أنّها باتت في أعماق دائرة الأقساط كونها استدانت المبلغ من أحد شركات التمويل والذي بدأت تدفع لها شهريًا قسطًا آخر عدا عن قسطِ الصندوق.
ويعرض (م.ع) قصته، حيث قررّ تطوير مشروع والده في تغليفِ وصناعة المواد البلاستيكية، لكن المشروع واجه الكثير من التحديات مع تفشي جائحة كوفيد-19 ووفاة والده، ما أدى إلى توقف المشروع وتراكم الديون عليه، مناشدًا الجهات المعنية بصندوق التنمية والتشغيل بدراسة حالة المقترضين المتأثرين بالجائحة وتوفير قسط شهري يتناسب مع إمكانياتهم المالية.
وقال، إنَّ والده كان يعملُ في مجالِ تغليف وصناعة المواد البلاستيكية، وكان لديه مشروع ناجح يحقق عوائد جيدة، وعندما سمع عن برامجِ صندوق التنمية والتشغيل، أراد مع عائلته تطوير هذا المشروع وزيادة دخله الشهري، فلجأ إلى الصندوق في بداية عام (٢٠١٨) واستدان مبلغا قدره 7000 دينار، وتم تحديد القسط الشهري بمبلغ (١٢٠) دينارًا.
وأضاف، أنَّ المشروع كان في البداية ممتازًا جدًا وتحسن بشكل كبير، ولكنه بالتراجع مع تفشي جائحة كوفيد-19، مؤكدًا أنه كان سببًا كبيرًا في إعاقة المشروع وحدوث خسائر وتراجع في الأداء.
وبعد انتهاء جائحة كوفيد-19وعودة الأقساط الشهرية للصندوق، تراكمت أجور المحل، مما أدى إلى توقف المشروع لعدة أشهر، في تلك الفترة، بدأ صندوق التنمية والتشغيل في إرسال رسائل نصية قصيرة للمطالبة بسداد المستحقات الشهرية التي تراكمت حتى عام 2022، حيث تم إغلاق المحل وحجز البضائع بداخله من قبل المؤجر الذي كان يطالب بسداد الدين قبل السماح بإرجاع البضائع.
وأشاد بتعاون صندوق التنمية والتشغيل معهم، حيث خفض قيمة القسط بعد أنّ قام بجدولة القرض، مؤكدًا أنّ الصندوق لم يقصر في مساعدتهم، إلا أنَّ دخلِها الشهري (٩٠) دينارًا وقيمة القسط كانت أيضًا (٩٠) دينارًا.
وأوضح، أنَّ المبلغ الذي تم اقتراضه هو مبلغ عام وأنهم لا يطالبون بعدم سداده، لكنهم يناشدون دراسة حالة المقترضين الذين تأثروا بجائحة كوفيد-19 ومعرفة المبالغ المستحقة عليهم، وبناءً على ذلك يتم تحديد قسط شهري مناسب يستطيع الفرد تسديده والالتزام به.
وفي السياق نفسه، يعتبر مقترض من صندوق التنمية والتشغيل (ف.غ)، أنَّ جائحة كورونا، ومُلاك المحّلات التجارية المؤجرين، وبرنامج إرادة، هي الأسباب في تدهور مشروعه في مجال الخضار والفواكه في العقبة.
ويقول (ف.غ)، حصل على قرض بقيمة 7000 دينار في آذار ( 2019)، وكانت الإجراءات في البداية ميسّرة وسلسة، مع إعطاء فترة سماح لمدة 6 أشهر، ولكن بعد تفشي جائحة كورونا، تضرر المشروع بشكل كبير، حيث أغلق المحل لمدة (١٤) يومًا وتلفت البضائع بسبب العوامل البيئية والطقس الحار في العقبة.
وأضاف، أنَّ برنامج إرادة لم يأخذ في الاعتبار بعض الاحتياجات الأساسية للمشروع، مثل ثلاجة التبريد، التي اشتراها بالأقساط بقيمة 4500 دينار على حسابه الشخصي، مبينًا أنه تراكمت عليه ديون تصل إلى 20000 دينار، مع أقساط شهرية تتجاوز 750 دينارًا، تشمل قسط الصندوق (120 دينارًا) وقسط الثلاجة (٢٠٠ دينار) وديون تجارية أخرى وقسط المحل (٤٠٠) دينار.
وقال أحد المقترضين من صندوق التنمية والتشغيل، محمد هلالات، إن ما حدث معه يحدث مع جميع المقترضين الآخرين من صندوق التنمية والتشغيل والذين فشلت مشاريعهم، موضحًا أنه توجّه إلى الصندوق للحصول على قرض لافتتاح محل لبيع الملابس في قرية ضمن منطقة وادي موسى، حيث لا يوجد محل لبيع الملابس في تلك القرية، ومعظم سكان القرية يضطرون للسفر إلى العقبة أو مناطق بعيدة لشراء احتياجاتهم من الملابس.
وبينّ هلالات، أنَّ دراسة الجدوى التي طلبها الصندوق كانت السبب الرئيسي وراء فشل مشروعه، حيث طُلب منه توفير متطلبات أولية للمحل، مثل الديكور وإضافة (الفورسيلينغ) وتركيب الإضاءة وتكييف الهواء.
وأشار إلى أنَّ استخدام المراوح أقل تكلفة سواءً من حيث السعر أو تكاليف الكهرباء لمشروع جديد في منطقة نائية، وأن مبلغ 25 دينارًان هو أفضل خيار بالنسبة له بدلاً من دفع 400 دينار لتركيب مكيفات الهواء.
وأضاف، أنه بصفته صاحب المشروع والمقترض، فإنه يجب أن يتمكن من تحديد أولويات الأدوات والتجهيزات في مشروعه، ولا يجب أن يفرض عليهم شروط محددة للقرض.
وأوضح، أنه كان جزءًا من قرض جماعي، شمل أربعة أشخاص، وبعد قرار مجلس الوزراء الأخير بفصل الذمم المتراكمة، شكر الصندوق على توفير الحل للتعامل مع مشكلتهم، ولكنه أثار سؤالًا بشأن قبول الصندوق لقرض آخر بنفس المشروع وفتح محل لبيع الملابس في نفس المنطقة ونفس المكان في المجمع التجاري، وذلك في إشارة إلى برنامج إرادة، المسؤول عن إعداد دراسات الجدوى لمشاريع المقترضين من صندوق التنميّة والتشغيل.
وفي السياق ذاته، صرح مدير صندوق التنمية والتشغيل، منصور الوريكات، بأنَّ الصندوق يعمل على توفير قروض ميسّرة للشباب الباحثين عن العمل، بهدف تشجيع ثقافة ريادة الأعمال وتنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التشغيل الذاتي.
وأضاف الوريكات، إن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على فصل الذِّمم للقروض الجماعيَّة التي منحها الصّندوق عام 2016، وبداية عام 2017، يتضمن برنامج التشغيل الذاتي الجماعي.
وأشار إلى أنَّ القرار يشمل المقترضين غير المستفيدين من قرارات فصل الذمم وإعادة الجدولة السابقة، بمنحهم مُهلة إضافيَّة لجدولة قروضهم حتَّى تاريخ 30/6/2024، على أن تتاح لهم الجدولات والتسويات لمدة تصل إلى 10 أعوام دون أي أرباح أو فوائد أو غرامات.
ودعا أصحاب القروض الجماعية بالتوجه إلى أقرب فرع لصندوق التنمية والتشغيل لإجراء فصل الذمم عن القروض الجماعية، مبينًا أنَّ الصندوق باشر في عملية فصل الذمم عن القروض الجماعية.
وفي متابعةٍ لما طالبه بعض المتضررين الذين توقفت مشاريعهم بشطب الفوائد والأرباح عن القروض، شدد على أنَّ أموال الصندوق، هي أموال عامة لا يمكن التلاعب بها أو شطبها، إذ تعتبر ملكًا لخزينة الدولة، مبينًا أنَّ “القروض المقدمة من الصندوق لا تكاد أرباحها تغطي تكاليف الصندوق”.
وأكد، أنَّ صندوق التنمية والتشغيل يلتزم بتقديم الدعم والمساعدة للشباب والباحثين عن عمل، الراغبين في تحقيق تطلعاتهم الاقتصادية والمهنية.
ويرى التقرير، وبعد المقابلات مع عدد من أصحاب القروض الجماعية، تبيّن أن صندوق التنمية والتشغيل وجد حلاً للمشكلة من خلال فصل الذمم، ومع ذلك، لم يكن البعض من هؤلاء الأشخاص على علم بصدور القرار، على الرغم من نشرها في العديد من المواقع والصحف الإخبارية، كما وطالبوا بشطب الفوائد المستحقة عليهم وتخفيض قيمة الأقساط، حتى يتسنى لهم الالتزام بسداد الديون.
وأفادت شهادات أخرى، بأن الجائحة تسببت في تراجع حاد في الإقبال على المشاريع التجارية والخدمية، مما أدى إلى تراجع في الإيرادات وصعوبة في سداد القروض، وبعض المقترضين واجه صعوبة في تسديد الأقساط الشهرية نتيجة لتدني الإيرادات وتأخر تعافي الأعمال بعد فترة الإغلاق.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، بادرَ صندوق التنمية والتشغيل إلى اتخاذ بعض الإجراءات لتخفيف العبء على المقترضين المتأثرين بجائحة كوفيد-19.
كما وتتطلب هذه الظروف الصعبة استمرار الجهود الحكومية والمؤسسات المالية في تقديم الدعم والمساعدة للمتأثرين، بالإضافة إلى تطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع التحديات الاقتصادية.
وبعد دراسة التقرير لمدة أسبوع، يقترح التقرير، أن يتم تنفيذ دراسات وتقييم للأموال المنقولة وغير المنقولة للأشخاص المتضررين وتوفير قسط شهري يناسب راتبهم، وذلك بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية.