صدى الشعب – محمد قطيشات
تصاعد وتيرة الاقتحامات والانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى يأتي في إطار خطط وسياسات لتهويد المسجد الأقصى والقدس المحتلة وتعزيز الاستيطان من خلال السياسات الحكومية، والمستوطنين، والجمعيات، والمنظمات اليهودية المتطرفة ورصد الميزانيات الضخمة لذلك.
ويومياً تطالعنا العناوين بتفاصيلها المؤلمة..مستوطنون متطرفون يقتحمون الأقصى..مستوطنون متطرفون بقيادة الحاخام المتطرف غليك يقتحمون الأقصى.. المتطرف بن غفير يقود اقتحام المستوطنين للأقصى.. الاحتلال يعتدي على المصلين بالأقصى..الاحتلال يمنع الفلسطينيين من الصلاة في الأقصى..الاحتلال يمنع الفلسطينيين من الوصول للأقصى..الاحتلال يقتحم الأقصى ويعتدي على المعتكفين..حفريات سلطات الاحتلال بمحيط الأقصى..وغيرها الكثير من الانتهاكات والاقتحامات المتواصلة والمستمرة بحق الأقصى والمصلين، وكلها تحمل مضامين للاستهتار الإسرائيلي لمشاعر العرب والمسلمين وحقوق الشعب الفلسطيني، وتحمل العنوان الأبرز بأن سلطات الاحتلال تضرب بالأعراف والقوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط، فلا يهمها حقوق الإنسان الفلسطيني وخصوصًا حق ممارسته لشعائره الدينية والصلاة في المسجد الأقصى.
ويأتي تزايد الاقتحامات وعدد المقتحمين من اليهود المتطرفين وتحت حراسة شرطة الاحتلال في إطار تكريس حكومة الاحتلال جهودها لمضاعفة الأعداد المشاركة، بالاقتحامات وبخاصة من اليهود المتطرفين وبشكل دائم وصولاً إلى تعزيز فكرة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.
ولكن الأكثر خطورة، أن معظم الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك تأتي بقيادة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، والذي اقتحم وبصورة مستمرة باحات المسجد الأقصى منذ توليه منصبه، ونقلت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية قوله أثناء الاقتحام “هذا هو المكان الأهم لشعب إسرائيل.. فنحن أصحاب القدس وكل أرض إسرائيل”.
ويشار إلى أن عضو الكنيست عن حزب ” القوة اليهودية” تسفيكا فوغل قدم مشروع قانون يمنح وزير الأمن القومي، في حكومة الاحتلال، ايتمار بن غفير صلاحية إصدار أوامر الاعتقال الإدارية بحق الفلسطينيين في الداخل وفي الضفة الغربية المحتلتين.
ومشروع القانون يمنح بن غفير صلاحيات مماثلة لتلك التي يتمتع بها وزير الجيش الاسرائيلي حول إصدار أوامر الاعتقال الإدارية تحت ذريعة المس بأمن الدولة.
فيما ينص مشروع القانون، على أن وزير الأمن القومي مخول بأن يفرض على شخص أو أكثر عدداً من القيود إذا ما اقتنع أن الأمر ضروري للحفاظ على أمن الجمهور، ومن بين القيود الحبس المنزلي وتقييد مكان السكن وحظر السفر، بالإضافة إلى إصدار أوامر الاعتقال الإدارية سعياً لهذه الغاية.
وجاء في شرح القانون، أنه يسعى لمنح “بن غفير” صلاحيات فرض الاعتقال الإداري حال الحديث عن نشاطات ذات طابع أمني سواءً في المسجد الأقصى وغيره من الأماكن في الداخل، بالإضافة إلى تهم جنائية قد تتداخل مع تهم أمنية.
ويشار إلى أن التقسيم الزماني يعني تخصيص أوقات محددة لدخول المسلمين للمسجد الأقصى، وأوقات أخرى خاصة باليهود، بحيث يتم اقتسام الساعات والأيام طوال العام بين المسلمين واليهود.
وترى الحكومة الإسرائيلية، أنه على المسلمين إفراغ المسجد الأقصى يوميًا من الساعة 07:30 حتى 11:00 صباحا، وفي فترة الظهيرة من الساعة 1:30 حتى 2:30، وفي فترة ثالثة بعد العصر، لتكون هذه الأوقات مخصصة لليهود فقط.
كما تسعى لتخصيص المسجد الأقصى لليهود خلال أعيادهم التي تصل إلى 100 يوم، بالإضافة إلى جميع أيام السبت، وبذلك يصل عدد الأيام المخصصة لليهود قرابة 150 يومًا.
ويعني التقسيم المكاني، تخصيص مناطق وزوايا معينة من المسجد الأقصى لكلٍّ من الطرفين، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية لاقتطاع أماكن من المسجد وتحويلها إلى كنائس يهودية تقام فيها الصلوات.
ويمنع الاحتلال من تقل أعمارهم عن 40 عامًا من دخول المسجد، وتحظر المخابرات الإسرائيلية ما تسميه تنظيم المرابطين والمرابطات في إشارة للمصلين المسلمين هناك الذين يقومون على خدمة المسجد.
وتشكل هذه الاقتحامات انتهاكاً للوضع التاريخي القائم في المسجد، والذي ساد في فترة الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني وصولاً إلى بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.
وبموجب الوضع التاريخي القائم، فإن الصلاة في المسجد تقتصر على المسلمين وحدهم، في حين يمكن غير المسلمين زيارته سياحًا فقط، وتكون المسؤولية فيه حصرا لدائرة الأوقاف الإسلامية.
ويعرب الأردن وباستمرار عن رفض أي خطة لها علاقة بالتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى وللحرم القدسي، وكذلك يؤكد إدانته للانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة والمستمرة التي يقوم بها المتطرفون اليهود باقتحام المسجد الأقصى المبارك الحرم القدسى الشريف، والسماح لهم بممارسات استفزازية تنتهك حرمته بحماية مكثفة من الشرطة الإسرائيلية.
خلاصة القول.. إسرائيل تمعن بانتهاكها حرمة الأماكن المقدسة وتضرب بعرض الحائط الأعراف والمواثيق الدولية وتخرق ترتيبات الوضع القائم في القدس المحتلة بدون توقف، بالرغم من التحذيرات والضغوط الأردنية والعربية والدولية والالتزامات القانونية..ولكن يبقى تصاعد وتيرة الانتهاكات وما يرافقها من ممارسات استفزازية في الحرم القدسي الشريف، وفرض القيود على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، هو خرقٌ فاضح ومرفوض للقانون الدولي، وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، ويبقى المسجد الأقصى المبارك ـ الحرم القُدسي الشريف مكان عبادة خالص للمسلمين، وتبقى إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية، هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص بإدارة كافة شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه.