د هايل ودعان الدعجة
يمكن القول بأن الأحداث والتطورات والمستجدات التي شهدتها الساحة العربية، قبل انعقاد قمة جدة، قد مهدت وساهمت في بعث أجواء تفاؤلية في الشارع العربي، جعلته يولي اهتماماً كبيراً لمتابعة مجرياتها ونتائجها، حيث جاءت أولى الإشارات الايجابية من التعاطي العربي المسؤول مع الملف السوري الذي توج بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، والذي اعتبر أيضاً من أبرز الملفات والأولويات على جدول أعمال هذه القمة، التي عكست صحوة عربية قد تكون غير مسبوقة في كيفية التعامل مع الأزمات والمشاكل العربية وضرورة حلها (وتصفيرها) في إطار البيت العربي بعيداً عن التدخلات الخارجية المسؤولة أصلا عن حدوثها وتوسيع نطاقها .
في تأكيد على أهمية عامل التوقيت الذي انعقدت فيه القمة، والذي لامس وكان قريباً من تلك المقدمات والمستجدات التي تم استثمارها وتوظيفها في معالجة هذه الأزمات بروح تفاؤلية.. حيث تسبب الزلزال الذي ضرب سوريا (وتركيا) في إحداث انفراجة في الملف السوري، وأخذت شكل المساعدات الإنسانية، التي تلتها زيارات لوزراء خارجية الأردن والسعودية ومصر إلى سوريا، مهدت الطريق لعودتها إلى الجامعة العربية وحضنها العربي .
فكانت أولى الخطوات من اجتماع عمان الذي رسم خارطة طريق هذه العودة وفقاً لمبادرة الخطوة خطوة الأردنية لحل الأزمة السياسية بالتدريج، تلاه اجتماع جدة الذي أكد على أهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي لحل الأزمة السورية سياسيا.
وسبق ذلك الاتفاق السعودي الإيراني الذي يعول عليه في حل الصراعات والأزمات التي تشهدها بعض الدول العربية نتيجة التدخلات الإيرانية المباشرة بشؤونها أو من خلال ميليشياتها واذرعها الطائفية، وذلك من خلال منح إيران الفرصة للخروج من عزلتها والعودة إلى محيطها الإقليمي (والدولي)، بمراعاتها وباحترامها علاقات حسن الجوار وسيادة دول المنطقة وبتخليها عن سياساتها وتهديداتها ومشاريعها الطائفية العدائية التي تتسبب بحدوث هذه الأزمات.
وهناك أيضاً الضربات الجوية التي استهدفت مصنعاً للمخدرات جنوب سىوريا، مرتبطاً ببعض الميليشيات المدعومة بإيران، وهي الضربات التي تمت بالتنسيق مع الجانب السوري، بما يشير إلى رغبة سوريا للخلاص من القوات الأجنبية ، واستعدادها للتعاون مع الأردن والعراق في تشكيل فرق عمل سياسية وأمنية مشتركة لتحديد مصادر إنتاج المخدرات والتهريب في أراضيها، كما جاء في بيان عمان، واتخاذ الخطوات الكفيلة بإنهاء هذا الخطر الذي يتهدد بعض دول المنطقة . والتوافق أيضا على معالجة التحديات الأمنية المرتبطة بأمن الحدود، بإنشاء آليات تنسيق فعالة بين الأجهزة العسكرية والأمنية السورية ونظيراتها في الدول المجاورة، إضافة إلى موضوع إعادة الاعمار في سوريا، الذي قد يكون من الصعب تحقيقه والسير فيه، إلا من خلال الدول العربية والخليجية تحديداً وأميركا ودول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول آسيوية ، وليس من خلال روسيا وإيران، فكلاهما يعاني من ظروف اقتصادية صعبة، نتيجة العقوبات الغربية المفروضة عليهما، وبالتالي لا يمكنهما المساعدة في عملية إعادة الاعمار، مما قد يشجع سوريا على التمسك بالفرصة العربية المتاحة أمامها، في تأكيد على أن هذه الظروف والعوامل مجتمعة ، إنما تشكل بيئة مشجعة ومحفزة وممهدة لحل الأزمة السورية في إطار البيت العربي .