رسالته إلى شعبه : لا تيأسوا فمهما فعل المحتلون، وتطاولوا في غيهم فنصر الله قريب
كتب : حازم الخالدي
بعد 87 يومًا متواصلاً من الإضراب استشهد الأسير الفلسطيني الشيخ خضر عدنان، في سجون الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل سلطات الاحتلال.
لم تكن المرة الأولى التي يخوض فيها الشيخ خضر عدنان الإضراب داخل سجون الاحتلال ، لكنها المرة السادسة والأخيرة التي أنهت حياته ليرتقي شهيدًا بعد أن تم حرمانه الحقوق الأساسية، التي كفلتها له وللأسرى جميعهم الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة.
الشيخ خضر عدنان موسى الذي ولد بتاريخ 24 مارس/آذار 1978 في بلدة عرابة في محافظة جنين، شمال الضفة الغربية بفلسطين المحتلة ، خاض إضرابًا عن الطعام رفضًا لاعتقاله الإداري ورفضًا للتهم الموجهة إليه، كان قد نفذ إضرابه الأول عام 2004 لمدة 25 يومًا رفضًا لعزله الانفرادي، وفي المرة الثانية خاض إضرابًا عام 2012 لمدة 66 يومًا، فيما المرة الثالثة عام 2015 لمدة 56 يومًا، والإضراب الرابع عام 2018 لمدة 58 يومًا، والخامس عام 2021 لمدة 25 يومًا، والسادس عام 2023 لمدة 86 يومًا، واستشهد على أثره.
الشيخ خضر عدنان أنهى مرحلتي الدراسة الأساسية والثانوية العامة في مسقط رأسه عرابة، حيث اجتاز المرحلة الثانوية بتقدير جيد جدا عام 1996، والتحق بجامعة بيرزيت في مدينة رام الله، وحصل عام 2001 على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية، ثم التحق ببرنامج الماجستير (تخصص الاقتصاد) في نفس الجامعة.
بدأ تجربته السياسية في مرحلة مبكرة وذلك خلال دراسته الجامعية، حيث انتمى إلى حركة الجهاد الإسلامي، ووقتها تعرض للاعتقال لأول مرة من قِبَل السلطة الفلسطينية، بتهمة تحريضه على رشق رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان بالحجارة، عندما قام بزيارة جامعة بيرزيت في عام 1998، وقضى 10 أيام مضرباً عن الطعام في الاعتقال.
كما تم القبض عليه من قبل الحكومة الإسرائيلية أثناء دراسته الجامعية، وقضى في الحجز الإداري (دون توجيه أي تهمةله لمدة أربعة أشهر، ثم تم القبض عليه مرة أخرى لمدة عام.
الشيخ خضر عدنان فتح الباب أمام الإضراب الفردية، جعل بعض الأسرى الإداريين يلتحقون به، بينهم هناء الشلبي التي اضربت لمدة 44 يوماً، وبلال ذياب وثائر حلاحلة اللذان أضربا لمدة 78 يوماً، بالإضافة إلى حسن الصفدي وغيرهم.
أفرجت عنه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المرة الثانية من إعتقاله، ليعود إلى ساحة الكفاح مشاركا في فعاليات وأنشطة سليمة تدعم الأسرى داخل سجون الاحتلال ومطالبا بالإفراج عنهم، وكذلك دعم المقاومة الفلسطينية في غزة، ليتم اعتقاله للمرة الثالثة في العام 2015 ، وعندما أفرج عنه استقبلته جماهير غفيرة في ذلك الوقت.
لم يتوقف نضال الشيخ خضر عدنان ضد سياسات الاحتلال القمعية، وبقي ثابتا على مبادئه في مواجهة جرائم الاحتلال وسياسته التعسفية ضد الفلسطينيين ورفض كل التنازلات. ليعود إلى الاعتقال مرة رابعة وخامسة وفي المرة السادسة أعاد الاحتلال في الخامس من شباط/فبراير الماضي، اعتقاله بعد أن اقتحم منزله في عرابة، وعاث فيه خرابًا ليعلن في لحظتها دخوله في الإضراب عن الطعام حتى استشهاده في اليوم ال86.
شارك الشهيد خضر عدنان في جلسة المحكمة الأخيرة قبل استشهاده من خلال محادثة فيديو عن بعد، ورفض أن يعرّف عن نفسه أمام محكمة الاحتلال، كما رفض الإجابة على أسئلة القضاة العسكريين، وطالب بواسطة محاميه خلال الاستئناف الأخير، وهو الاستئناف الثالث الذي قدمه الشهيد، حول ظروف تمديد اعتقاله الإداري بأنه يجب إطلاق سراحه، لكن القضاة العسكريين رفضوا طلبه، بعد أن رفضوا طلبين مشابهين في استئنافين سابقين.
اعتبر نادي الأسير أن “الاحتلال الصهيوني اغتال الأسير الشيخ خضر عدنان”، عن “سبق إصرار”، فيما حمّلت هيئة شؤون الأسرى، “الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاده ، وطالبت “المؤسسات الدولية بالتدخل العاجل، ووضع حد للجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وتوفير الحماية لهم”.
وقال رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، إن “الاحتلال الإسرائيلي وإدارة سجونه نفذوا جريمة اغتيال متعمدة بحق الأسير خضر عدنان، برفض طلب الإفراج عنه، وإهماله طبيا وابقائه في زنزانته رغم خطورة وضعه الصحي”.
الشيخ خضر عدنان الذي باستشهاده ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 237 شهيدًا، عمّ اليوم الثلاثاء، أشعل المواجهة مع الاحتلال مجددا فقد أعلنت الحركة الشبابية في فلسطين إلى مواجهة الاحتلال في كل مكان، وأعلن الإضراب الشامل في كافة مناطق الضفة والقدس، حدادًا على استشهاد الأسير عدنان، فيما خرجت مسيرة في عرابة جنوب جنين، منددة بجريمة اغتياله، كما اندلعت مواجهات عدة مع قوات الاحتلال، في مناطق متفرقة بالضفة والقدس، غضبًا لاستشهاد الأسير عدنان، خلال إضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال.
الفصائل الفلسطينية وصفت ما حدث مع الأسير خضر عدنان بأنها عملية اغتيال متعمدة محملة الاحتلال المسؤولية، في وقت أفادت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية “كان” بأنه تم رفع حالة التأهب في صفوف قوات الدفاع الجوي عقب إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة.
رسالة الشهيد خضر عدنان كتبها في وصيته ، حيث قال : أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي من سجني في الرملة الحبيبة الفلسطينية الأصيلة، وصيتي هذه لأهلي وأبنائي وزوجي وشعبي.
وصية الشهيد التي كتبها في اليوم الثامن والخمسين لإضرابه عن الطعام ، بحسب ما ذكر نادي الأسير دعا فيها إلىى الاستعصام بحبله المتين والاستغناء بفضله عمن سواه وقول الحقّ في كل زمان، ومكان وصلة الأرحام والصلاة والزكاة والحفاظ على حرمات الله وحقه في حالنا، ومالنا، وحركتنا، وسكنتنا، والعلم إن خير بيوتات فلسطين هي بيوتات الشهداء، والأسرى والجرحى والصالحين .
وقال لأهله وأبنائه وزوجته وشعبه: أوصيكم بالأعمام والأخوال والأقارب والجيران وكل من له حق علينا, أوصيكم أن لا تتركوا لأحد حق عليّ معنوي أو مادي فمحبكم الأكثر حاجة إلى رحماته تعالى، إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي وسجوني قرب والدي، واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان دعواتكم له ولوالديه والمسلمين بالرحمات واجعلوه قبرا بسيطا وأطلبوا من الله لي المغفرة والرحمة والتثبيت وسعة القبر وأن يجعل قبورنا رياض من رياض الجنة لا حفر من حفر النيران وأن يتقبل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم.
ووجه رسالة إلى الشعب الفلسطيني قائلا ..كلي ثقة برحمته تعالى، ونصره وتمكينه، هذه أرض الله ولنا، فيها وعد منه إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا فمهما فعل المحتلون، وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم، وغيهم، فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب. سلامي لسادتنا ذوي الشهداء، والأسرى، وتحياتي لهم وكل الأحرار والثوار. زوجك المحب أم عبد الرحمن، والدكم المحب أبنائي، أخيكم المحب إخوتي، ابنكم المحب شعبنا. دعواتكم أن يتقبلني الله شهيدا مخلصا لوجهه الكريم.