كتب. بشار جرار
صغر في نظري كل تذمّر كان يشكو منه بعض الأهل والأصدقاء في عمّان الصيف الماضي. من بينها حالة بعض الطرق وسلوكيات بعض السائقين والمشاة.
احذر أمامنا مطب. «حقك علينا» فاتنا التحذير من المطب المباغت أو اكتشافه بفعل عوامل التعرية أو التمويه!
بموضوعية قد لا تتسنى إلا عن بعد، كثير من مشاكلنا يصدق فيها المثل «كبّرها بتكبر صغّرها بتصغر». لا التهويل يخيف ويجدي، ولا التسطيح والتبسيط يقنع أحدا. ولنبقى في المطب، كمثال قابل للقياس.
هنا في واشنطن، ورغم التقيّد شبه المثالي بقوانين السير والمشاة، إلا أن كثيرا من زائري العاصمة -وتعرف بالبلدة «تاون»- يقعون في مطبات من أنواع عدة. خاصة زوارنا من ولايات أخرى، من الذين لديهم ثقافة مرورية مختلفة، لا تنفع معها لا الشرطة الدورية ولا الراجلة، ولا حتى كاميرات ورادارات السرعة الزائدة، أو التجاوز الخاطئ والخطر والقاتل. ولكل منها عقوبة رادعة.. لكن مقتضى تسيير الحال، يفرض بعض الإجراءات القسرية التي تتراوح بين غير المريح إلى المزعج، فالمزعج للغاية!
بعض المطبّات يتم التمهيد لها بشواخص على جانبي الطريق وأرضا على بعض مساربه. ترسم إشارات التنبيه هكذا بالخط العريض مرصعة بأنوار فسفورية، لتنبيه قائد الحافلة وركابها، لتحذيرهم جميعا -ف»المركب واحد»-أن ثمة مطب بانتظار الكل.. فلا سبيل حينئذ لا لتغيير المسرب ولا للاستمرار بالاندفاع. وإلا كما يقال «فتنا في الحيط»! الحل الوحيد هو تخفيف السرعة، وإلا تضعضعت مع التكرار أركان الحافلة، وعانى ركابها من الصدمات والارتجاجات.
ومن المطبات ما هو محدّب، ومنها ما هو مسطّح، وبعضها بتضاريس ذات نتوءات خشنة ترجّ السيارة رجّا، رجّا. فتحمد الله على مساج مجانيّ مريح قبل دخولك العاصمة أو استيداعك الله لها.
أما العجب العجاب، فذلك المطب المزدوج الذي يتميز به وبكثرة، تدعو إلى التفكّر والتدبّر، مجمّع تجاري لتجّار مهاجرين من الجيل الأول والثاني والثالث من بلاد تجمعها هوية مشرقنا العظيم. المجمّع في إحدى ضواحي واشنطن ذات الغالبية الشرق أوسطية، وفيها دول جارة من القارة السمراء. أحجم عن ذكر اسم المجمع التجاري والمنطقة احتراما لخصوصية الناس أولا، وثانيا تفاديا لأي إسقاطات تخص ثقافة بعينها، هنا وهناك.
اللافت أن ذلك المطب المزدوج لم تفرضه «أمانة واشنطن الكبرى» ولا «البلدية» المحلية في تلك المقاطعة بضواحي واشنطن. المطب المزدوج ما كان مفروضا من أحد ولا مستوردا من الخارج. ما كان المطب المزدوج إلا قرار اتخذه أصحاب المحلات التجارية أنفسهم، ودفعوا كلفته من جيوبهم الخاصة. طبعا لا يحب التاجر أن يفعل ذلك إلا مضطرا أو لغاية ربح أكبر. والسبب كان سعيهم إلى ربح زبائنهم والحفاظ على أرواح أصاحب المحال وزبائنها وممتلكاتهم جميعا.
الخلاصة أن كثيرا من مطباتنا جني أيدينا.. من حقنا أن نحلم جميعا بإزالة آخر مطب من شوارعنا وموازناتنا ذات يوم، بإزالة الأسباب الموجبة للمطبات كلها، وخاصة المزدوجة.. تلك المطبات التي بعضها خارجي، خارج عن إرادتنا، وبعضها الآخر ذاتي المنشأ والمرتع.
رافقتنا السلامة جميعا: ركاب مركبات وقادة حافلات ومشاة.