كتب. فايز الشاقلدي
أصبح من الواضح أن الحروب ومناطق الاضطرابات وأخبار القتل ، تشكل مادة ممتازة ومؤثرة للإعلام الحديث.
الحياة المسالمة اليومية لا تشكل مادة مغرية للإعلامي الباحث عن الخبر المثير، انما عمليات القتال بما فيها من هجوم ودفاع ودوي مدافع وحرائق بيوت وقوافل مهاجرين وصور الدمار والانهيار والقتل والاسر!
وأخذت أخبار العنف تجد لها صدى داخل المتلقي، فالحرب والعنف باتا يغذيان تلك الثنائيات الغريزية (القوى والضعف، الشجاع والجبان، الموت والحياة، الصراخ والهدوء).
فخ السلطة الرابعة لا ترد ولا ترحم، فانتشار الكلمة عبر قنواتها اقصد سلطه الشبكة العنكبوتية (الانترنت)، وخاصه التي تتمتع بالعنف والصراخ المسيئة للبعض منها، تنتشر على أوسع نطاق، كانتشار النار في الهشيم، مما يؤدي الى خدش النسيج الاجتماعي، وربما تقود لنتائج وخيمة، وشروخ وقروح لا تلتئم بسرعة، تخلف ندوباً في الروح كما في الجسد احياناً.
ونحن العرب عموماً، والشعب الاردني خصوصاً ، شعب عاطفي، بما يعنيه ذلك من وجود سمات تكون في جوانبها جميلة ودافئة، لكنها في جوانب اخرى تكون انفعالية واحكامها متسرعة، فالمادة الاعلامية التي تحمل في طياتها العنف بجميع اشكاله، قد تلد رد سريع عاطفي متعجل قد يندم عليه مرسله “الصحفي الإلكتروني” بعد ثواني معدودة.
مشكلة هذا العنف ليست سياسية او اقتصادية فقط، ولكن في اثرها النفسي والاجتماعي على متلقي الرسالة، فاخطر ما يكمن ان يحدث هو الاعتياد على العنف، ليصبح طريقه لجمع المشاهدات على صفحات المواقع الالكترونية، فالاستعطاف مادة إعلامية وحشية جداً، غالباً ما يتشبع المتلقي بما يشاهد ويستمع من احداث للصراع والدم.
فاصبحنا نشاهد في نشرات الاخبار، والمواقع الاخبارية وصفحات الاتصال والتواصل، مشاهد تفوق أقصى ما وصل اليه الخيال في افلام العنف، وأصبحت مشاهد وعناوين الاخبار من فلان قتل فلان، وزوجة تقتل زوجها، تتصدر الواجهة الاعلامية لحصد المشاهدات.
لا يوجد دراسات جادة وشاملة حول ما يمكن ان تحدثه وسائل الاعلام والصحافة من تعزيز العنف او تقليله، فمن الصعب تعميم الدراسات لاختلاف المجتمع وحسب تلقيه لرسالة الاعلامية، وما بين وسائل الاعلام وطبيعة بثها وتعاملها مع الاحداث.