صدى الشعب – هند السليم
لولا المعلم ما قرأت كتاباً يوماً ولا كتب الحروف يراعي
فبفضلهِ جزت الفضاء محلقاً وبعلمهِ شق الظلام شعاعي
في هذا اليوم نستذكر عطاء ووفاء معلمات ومعلمي الوطن وأسرة التربية والتعليم بكافة جنودها، الذين لم يتوانوا عن تأدية واجبهم الإنساني والوطني النبيل؛ الذين بفضل عطائهم المتواصل، تمكن الأردني من الإنطلاق من ركام المعاناة والألم إلى فضاءات المعرفة والتميز، ليبني وطنه ودولته، ويرفع أسم الأردن عالياً خفاقاً في محافل ومنابر عربية ودولية غاية في الأهمية.
المعلم هو الأب الذي يلجأ إليه الطلبة عند النوائب، وهو المستشار المؤتمن الذي لا تعييه الوسيلة لحماية المجتمع من الانجراف إلى متاهات الضياع؛ وهو الحكيم الذي يحمي بمظلة قلمه الأمة من الرياح المغرضة ويدق أجراس اليقظة في القلوب الغافلة.
واليوم هو يوم ينبغي أن لا ينتهي؛ ليفي هذه الشريحة التي تحمل على كاهلها عبء التضحية من أجل التشبث بكل خيط من خيوط الأمل للحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية راسخة شامخة تتحدى كل المخططات من حولها.
هذا اليوم رمزية وطنية لدور المعلم الوطني المتمثل بحماية العملية التعليمية، إضافةً إلى مطالبتهم بحقوقهم النقابية العادلة.
إن المعلم يعيش وسط الظلام ليحوله إلى نور، وهو خلال ذلك رائد مكتشف رحاله يضع أقدامه على أرض لم يطأها إنسان، ويرتاد الآفاق الفكرية التي لم يصلها بشر، يجب أن يكون عنده دائماً أكثر مما يقول، وأعظم مما يحيط به، أنه ليس منجم ذهب أو ماس؛ بل أروع، فالمنجم يعطي وينضب، أما المعلم فهو أشبه بطبقات الأرض، كلما وصلت لطبقة وغصت وجدت طبقات أكثر ثراء وغنى.
قد يشتكي المعلم من الإرهاق والضغوط المحيطة به ولكنه ينسى كل ما يعانيه عندما يرى طلابه وقد تفوقوا في دراستهم أو عندما يرى التلميذ ضعيف التحصيل وقد تحسن أداؤه وهذه متعة؛ فمهنة التدريس ليست عظيمة وحسب، بل أميز تجربة وخبرة قد يتعرض لها الإنسان .. تجربة تبقى في الذاكرة يسترجعها المعلم بين حين.
إلى كل من تعلمت منهم … كيف أخط أول حروفي وكلماتي، وأن أحفظ ديني وسيرة رسولي الكريم، وأن أعرف حدود وطني وتاريخ العظيم، وأن أحسب خطواتي واجازاتي على نتائج مبهرة … إلى من تعلمت منهم لغة العالم الأولى، ومن جعلني أحبها جداً لأصبح في يوم من أحد الحاصلين على شهادة عليا بها.
إلى من تعلمت منهم مكارم الأخلاق وعظمة الثقافة وقوة الاعتزاز بالدين والوطن والإنتماء والعروبة، إلى كل معلم ومعلمة تعلمت منهم أن القراءة غذاء للعقل والروح وأنها ميزة احتراف.
اليوم فقط علمنا مدى محبتكم لنا، وماذا نعني بالنسبة لكم، اليوم فقط عرفنا ماذا يعني أن نكون طلاباً لكم …. لا يسعنا إلا أن نذكر لكم بأنكم ستبقون معلمينا الذين نحبهم ولن ننسى مهما مر الزمن ما قدمتموه من أجلنا.
كل عام ومعلمي ومعلمتي بألف ألف خير