كتب. الدكتور/ رجائي حرب – لماذا يصمت علماء الأمة عن كل هذا الانحلال الأخلاقي لدرجة أننا شعرنا أنهم اختفوا جميعاً؟ وأقصد بالعلماء هنا: علماء الدين والاجتماع والفلسفة والأدب والسياسة والاعلام؛ وهؤلاء كلهم يتحملون المسؤولية عن انحطاط المجتمع وانحراف بوصلته وتغيُّر اتجاهه؛ كلهم يتحملون المسؤولية بنفس الدرجة، فلماذا كل هذا الصمت عند ممنْ يسمون أنفسهم بالمرجعيات في المجالات كلها؟
لماذا تخلوا جميعهم عن المجتمع ولماذا لم نسمع منهم حثاً على الفضيلة والطهارة والعودة إلى الأخلاق، ولماذا برروا انكفاءهم عن إصلاح المجتمع بحجة عدم الرغبة بالاصطدام بالسلطة، وللمحافظة على أرزاقهم، وبحجة طأطأة الرأس للموجة العالية التي قالوا أنهم لا يريدون أن يقفوا في وجهها وأن لا يواجهوها حتى لا تُكسر أعناقهم؟
لماذا تخلى هؤلاء جميعاً عن مستقبل مجتمعنا وعن أخلاقه حتى تمرغت سمعته في طين الفساد والافساد، وتركوا للمنحلين والحثالة التلاعب بأطفالنا وشبابنا وبمستقبلنا بحجة إطلاق الحريات الفردية وصونها من التعدي والتجاوز؟
أين هي ثقافتنا وأين هي دعاماتنا الحضارية التي عاشت آلاف السنين بقلوبِ رجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فكانوا مخلصين وحملوا لنا كل تلك الموروثات لتذوب فى كياناتنا ومجتمعاتنا، وأين هي تلك المؤسسات التي كان أولى أن تحافظ على قيمة الانسان وقيمة موجوداته من العبث أو التقزيم أو التراخي؟
إننا نعيش بلا نقاش أمام أزمة ثقافية وحضارية خانقة، تعبر عن نفسها في تعذُّرِ تركيبِ أدواتِ إصلاحٍ حقيقيةٍ قادرةٍ على الخروج من المأزق إلا بمعجزةٍ إلهيةٍ أو قدرةٍ جماعيةٍ يستيقظ من خلالها المجتمع كله ويصرخ بأعلى صوته ليقول بأنه يريدُ أن يبدأ حركة الاصلاح الشامل رغم كل المعوقات والمحاذير
ومما زاد الطين بلةً خروجُ مجموعة من أقزام الاعلام والفن والتمثيل ومواقع التواصل الاجتماعية؛ يتحكمون بمصائرنا ويتلاعبون بأذواقنا؛ ويهددون وجودنا؛ ويصادرون رغبتنا بتنشئة أطفالنا بالطريقة التي نريد؛ ويعلنون حرباً على ضوابط مجتمعنا، وعلى عاداته وتقاليده، ويقذفون بكل قِيَمنا عرض الحائط؛ ولا يتناهون عن مُنكرٍ فعلوه حتى غدونا كالقطيع السائر إلى المذبح بلا إرادة؛ يوجهوننا بكتاباتهم وبرامجهم وأفلامهم وأقلامهم كيف يشاؤون؛ ولا يرقبون فينا إلاً ولا ذمةً؛ حتى سقطت ورقة التوت التي كانت تستر عوراتنا.
حقاً لقد بلغ السيل الزُبى