كتب. العين/ خالد البكار – حوار جلالة الملك مع صحيفة الرأي، شكل تعريفاً وطنياً للأولويات الواجب القيام بها من الجميع؛ مؤسسات وأفراد، وضرورة العمل بروح التحدي والبناء، ومغادرة مربع السلبية والسوداوية التي تغلف فضاءات التواصل الاجتماعي البعيد عن الواقعية.
المسؤوليات التي وضعها جلالة الملك أمام الجميع هي مسؤوليات تقتضي منا جميعاً أن نقيم الإنجاز مثلما ننتقد الأخطاء التي ترتكبها بعض المؤسسات، فالإنجاز الماثل للجميع هو المكانة التي تحظى بها مملكتنا وسط الأمم، والإنجاز أيضًا أن دولة تسابق الزمن في التحديث والتطوير ضمن مسارات متلازمة، ستنعكس بالضرورة لصالح الأجيال والمستقبل.
لقد خاضت المملكة الأردنية معتركاً صعباً زاخراً بالتحديات والمحن منذ مطلع المئوية الأولى من عمرها، وهاهي تعيش اليوم مع مطلع المئوية الثانية من عمرها المديد تحديات جسام، وأزمات متصلة، وحروب وكوارث متلاحقة من حولها، ليزول كل ذلك وتبقى الأردن عنوان الدولة الراسخة قيما وثوابت وهوية.
في حوار جلالة الملك مع $ ثمة رسائل مفتوحة، وتكليفات واضحة محددة، فلم يعد اليوم مكانا لتقاعس المسؤول أو استهتاره في مهمة بحجم صياغة روح التحديث والتطوير الذي يريده الملك لجميع القطاعات الحيوية في المملكة، فالإصلاح الشامل هو عنوان المرحلة، والإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، كلها عناوين وطنية لا بد من مراجعتها لغايات تصويب المسار ومحاكاة روح المعاصرة بثوابت الأصالة.
وحده الملك عبد الله الثاني من بين نظرائه في المنطقة الذي استطاع أن يجسر بين الأولويات الداخلية في تمكين وحدة الصف وإذكاء الروح الأردنية الوضاءة، والأولويات في الجوار وترتيب ملفات المنطقة على الرغم من خطورة السير وسط ألغام المواقف والمتغيرات من حولنا، فهو يمسك ببوصلة الأردن وطنا وفلسطين قضية، والأمة مرجعية وهوية. لذلك يبقى حديثه قِبلة التائهين الذين عرفوا كيف لعقل متقد وقلب مخلص أن يحافظ على مملكة وسط متغيرات عصفت بالجميع.
إن جلالة الملك يريد منا جميعا أفرادا ومؤسسات أن نشارك في صناعة الحاضر والمستقبل، تحت شعار العمل الجماعي وتحت عنوان العمل الوطني، وتحت مفهوم المشاركة في صياغة الحلول وصناعة المبادرات واجتراح الأفكار النوعية لمعالجة الأزمات غير التقليدية. وما إصرار الملك على دعم العمل الحزبي ودعوة الشباب في الانخراط بهذا العمل السياسي بعيدا عن الشعبويات وقريبا من الواقعية إلا وصفة نظام ديمقراطي يؤمن بأن الأردن هو ورشة عمل لا تهدأ في صناعة الفرص من رحم التحديات.
يتحدث الملك عن القضية الفلسطينية كما يتحدث عن أي شأن وطني، فهاهم الهاشميون حماة المقدسات يعرفون أن القدس ستظل عربية فلسطينية تمثل مهد الرسالات السماوية وبوصلة العمل العربي والنضال من أجل تحريرها عاصمة لفلسطين وجامعة للأديان وداعية للوحدة الإنسانية في مواجهة كل ظلم وجبروت وطغيان.
لقد ذهب صاحب الجلالة إلى ما هو أبعد من حوار صحفي، هو تحدث بلسان قائد عظيم، يعرف عن حاجات شعبه ويعرف عن هموم شبابه، ويعلم عن معيقات العمل العام ومتطلبات النهوض بالحياة الأردنية رغم كل الصعاب، فله الولاء المطلق والانتماء لتراب المملكة.