كتبت. هند السليم – بدايةً … عنوان مقالتي لهذا اليوم مستوحى من صورة تم نشرها من قبل أحدى صديقاتي على مواقع التواصل الاجتماعي، وعندما قرأتها تذكرت حوار دار بيني وبين أحد الزملاء الإعلاميين حول مناسبة العيد؛ والمقارنة بين أعيادنا بالماضي والحاضر ومدى تأثر طقوسه في ظل الأحداث الراهنة التي نعاني منها.
كلما تقدم بنا الزمن نستذكر الماضي الجميل ونغوص في بحار الذكريات ويتبادر إلى اذهاننا طقوس العيد في تلك الأيام الخوالي وما كان لها من نكهة وأثر في شفاء القلوب، أما فرحة العيد في وقتنا الحاضر ليست مثل ما كانت عليه في الماضي، فتجد أن الجار لا يعايد جارة ولا أقربائه وأصحابه إلا عن طريق الهاتف ورسائل الجوال والإيميل وما شابه ذلك من وسائل العصر الحديثة والمتطورة، التي أذهبت فرحتنا بالعيد واجتماعنا وتزاورنا؛ مما يراودني التساؤول … أين المحبة والأخوة والألفة والترابط؟
نلاحظ أن فرحة العيد قد اختلفت عما كانت علية في الماضي، حيث كان للعيد طعم ونكهة خاصة، وكنا ننتظر العيد بشغف وسط فرحة تملئ القلوب أما الأيام التي تسبقه فلها تحضيرات وترتيبات خاصة، وكلما أقترب العيد نحمل ذكرياتنا القديمة معنا لتكون قصصاً للأجيال القادمة ونستذكر الماضي بحنين وشوق ونسترجع أيام كانت بحق تسمى أعياداً.
لو حاولنا البحث عن أسباب مشكلتنا السابق ذكرها نتوه ونحتار بدائرة مغلقة من المفاهيم الحالية المعقدة، التي لها دور فعال في تغيير أنماط وسلوكيات حياتنا، فمن جهة الأزمة الاقتصادية الإقليمية والدولية، ومن جهةٍ أخرى ازدياد أعداد اللاجئين بمختلف الجنسيات بإعتبارهم عاملاً أساسياً مسؤولاً عن المشاكل الاقتصادية في الأردن؛ بيد أن الاقتصاد الأردني يعاني من زعزعة وعدم استقرار مسبقاً، ومن جهة ثالثة ما يشهده الوطن من حوادث وكوارث وجرائم قتل، هذه الأسباب مكملة لبعضها البعض لتؤدي لنتيجة واحدة وهي قلة الرواتب وإرتفاع الاسعار وانتشار البطالة وكثرة الفساد والفاسدين وسرقاتهم لأموال الشعب وضحايا جرائم القتل والوطن دون حساب او عقاب … وبالعامية وباللغة الشعبية استطيع القول: (ما حد معه عيدية بختصر الزيارة و ما بقدر يشتري ملابس عيد يفرح ولاده وماله نفس وعنده اكتئاب وخوف من لحظة غدر لمجرم سفاح أو مريض نفسي بسبب أوضاع البلد) من الممكن هذا حال أغلب الشعب الأردني الغالي.
أن السبب الثالث يعتبر الأهم، ويجب علينا الوقوف عليه مطولاً ألا وهو عمليات القتل الظاهرة حديثاً في بلدنا الحبيب، نجد أغلب البيوت حزينة على فراق طفل أو شاب أو كهل تاركاً خلفه غصة والده ووالدته أو أطفاله وزوجته، فتغيرت الوجوه والمصيبة واحدة … عندما يتغير القلب نخاف ما كنا لا نخشاه، ونحب ما كنا نخاف أن نقترب منه، نلقي الماضي خلفنا، بعد أن تغير كل شيء، عندما تتغير القلوب، يتغير الكيان بأسره، فتتغير الآمال وتتغير الرؤى، وتتبدل أشكال الناس، لنرى الوجوه شاحبة والقلوب حزينة، والأحلام والأهداف في تغير مستمر.
نتمنى من الأيام القادمة أن تحمل لنا فرحاً وسروراً يعيد بنا الذاكرة إلى ذلك الزمن الجميل.
وبالنهاية أدعو لكافة العرب والمسلمين بهذا الدعاء على أمل بقادمٍ أجمل بأذن الله:
”اللهم أصلح فساد قلوبنا وأجعلها تطمئن بذكرك وتهتدي بنورك وتحب لأجلك وتعقل آياتك وتخشع لعظمتك وتذل لقدرتك وترضى بقضائك وتأنس بك وترغب فيك وتشتاق اليك” … اللهم آمين.