صدى الشعب – أثار إعلان رئيس بلدية القدس المحتلة، يوم الأربعاء، بدء العمل في مشروع التلفريك “القطار الجوي” غضب الفلسطينيين والمقدسيين إذ اعتبروه استكمالاً لمشاريع التهويد الكبرى والتي تهدف إلى إضفاء الطابع اليهودي على المدينة المقدسة وطمس المعالم الإسلامية والمسيحية فيها.
وجاء إعادة إحياء المشروع من قبل بلدية القدس بعد سنوات من تجميده إثر ضغط مارسه الفلسطينيون على شركات فرنسية قدّمت عطاءات لتنفيذه.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية، قد ردّت أربعة التماسات قدمت ضد خطة بناء مخطط على مخطط القطار الهوائي “تلفريك” بالقدس القديمة المحتلة الذي يربط جبل الزيتون (جبل الطور) بساحة البراق، ويهدف لربط شرقي القدس بغربها.
و”القطار الهوائي” هو وسيلة مواصلات معلقة تعمل بالكهرباء، وتسير على أسلاك في الهواء، بهدف تسهيل وصول المستوطنين لساحة البراق والمسجد الأقصى، وتعزيز السياحة والمواصلات في البلدة القديمة وجبل الزيتون.
من جانبه، قال مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس، أحمد الرويضي، إنّ “هذا مشروع منذ سنوات تم تقديم عدة اعتراضات قانونية عليه من قِبل لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات سلوان وبعض الأهالي المتضررين من أهالي بلدة سلوان باعتباره يمر فوق منازلهم، الهدف من ذلك المشروع كما تدّعي سلطات الاحتلال أنه يخدم حركة المواصلات، لكن من ناحية عملية هو برنامج استيطاني سيشوه البُعد الحضاري الديني التاريخ للقدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى لأنه سوف يمر على حدود الجهة الشرقية الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك”.
وتابع في حديثٍ خاص لـ”دنيا لوطن”، أنه “كان هناك تحرك ضد الشركات الأجنبية التي كانت تنوي تنفيذ المشروع ومنها شركات فرنسية، انسحبت بعد عدة ضغوطات قمنا فيها، حتى نجعل مشاركتها تحملها مسؤولية قانونية، وهذا المشروع هو مشوّه للقدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك”.
وأوضح الرويضي، أن “سلطات الاحتلال تريد من خلال ذلك المشروع الربط بين بؤرات استيطانية موجودة ما بين حي الطور وباب المغاربة وحي وادي حلوة في سلوان وسيكون هناك اعتداء على مقابر المسلمين، لذلك تحركنا على المستوى السياسي مع (اليونسكو) باعتبار القدس مسجلة على الإرث الحضاري العالمي منذ عام 1982 بطلب من الأردن في ذلك الوقت”.
وأردف القول، “طالبنا أن يكون هناك تحرك للضغط على إسرائيل للتوقف عن تنفيذ ذلك المشروع باعتباره يعتدي على الإرث الحضاري العالمي، وهناك تنسيق يتم بينا وبين إخوانا في المملكة الأردنية الهاشمية لأن في اعتداء على الأوقاف والمقابر الإسلامية في باب الرحمة والمقبرة اليوسفية، واعتداء على السور الشرقي الجنوبي على المسجد الأقصى المبارك لأنه سيمر فوق السور بشكل مباشر”.
وأشار مستشار شؤون القدس إلى أن “هناك تنسيق مع مؤسسات حقوقية في القدس، للبحث عن إمكانيات قانونية لتأجيل تنفيذ هذا المشروع، خاصة أن المحكمة الإسرائيلية قد أعطت الضوء الأخضر لتنفيذ المشروع”.
وقال الرويضي، إن “هذا المشروع مرتبط بمشاريع أخرى في البلدة القديمة، جميعها هدفها تثبيت المخطط الإسرائيلي في المسجد الأقصى المبارك وهو فرض التقسيم الزماني والمكاني، والهيكل المزعوم الذي يدّعوه، وتقديم روايات يهودية مزيفة حول حقيقة المكان”.
وحذّر من أن “هذا المشروع مربوط في مخطط 2050 الذي له علاقة في المسار اليهودي الذي يبدأ من المقبرة اليوسفية مرورًا بكنيسة الجثمانية” حتى حي البستان في سلوان ووداي الحلوة ووادي الربابة إلى منطقة باب الخليل، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة تخطط لاستقطاب ثلاثة مليون يهودي كل عام لزيارتها ضمن السياحة الدينية وتقديم رواية يهودية مصطنعة للمكان على اعتبار أن هذه مدينة (داوود)، وبالتالي مشروع التلفريك الهوائي يأتي في هذا الإطار”.
واستطرد الرويضي، بأن “هناك مشاريع لها علاقة بتهجير المقدسين، التهجير الذي سيحدث بحي الشيخ جراح، وبلدة سلوان وحي البستان وببطن الهوى ووادي الحلوة ووادي الربابة له علاقة بتلك المخططات ومشروع التلفريك هو جزء من هذه المخططات التي يخطط لها الاحتلال من حتى يقلب حقيقة المكان من بعده العربي الإسلامي المسيحي وكان أنت في مكان يهودي مصطنع”.
بدوره، يرى الباحث في شؤون القدس، محمد أبو صالح، أنّ “هذا القطار هو فصل من فصول تهويد مدينة القدس التي بدأت في سنة 1865 عندما أرسلت الملكة فيكتوريا ضباط بريطانيين للبحث عن كنوز سليمان وبقايا الهيكل المزعوم كما يدّعون، ودخلوا هذه البلاد وعملوا أعمالهم ولم يخرجوا بأي نتيجة، بقي الأمر حتى عام 1967 حيث بدأت الحفريات حول المسجد الأقصى المبارك، ولم يكتفوا بذلك بل شكلت جمعية في غرب القدس بقيادة أحد المستوطنين الذي أسس جمعية إعادة بناء الهيكل المزعوم وبدأ يجمع الأموال إلى أن كثرت هذه الجمعية وأصبحت على ما هي عليه الآن، مثل جميعة إعادة بناء الهيكل وجمعية إلعاد وغيرها”.
وبيّن أبو صالح، أنّ “من ضمن الأعمال التي سيقومون بتنفيذها القطار الهوائي أو القطار الذي سيجوب مدينة القدس الذي نحن بصدده الآن، فأسسوا أولاً القطار الخفيف ثم القطار الهوائي حتى يتجاوز كل مراحل وأماكن تواجد في القدس ليتجول في أنحاء القدس ويكون فيه المستوطنون والذين يعملون على إعادة بناء الهيكل تمر هذه الطرق بباب الرحمة بجانب المسجد الأقصى المبارك وداخل المدينة المقدسة وحولها لجلب السياج الأجانب من أوروبا وأمريكيا لتثيبت يهودية القدس”.
وختم الحديث، “سلطات الاحتلال عملت قواعد خرسانية في باب الرحمة على المقابر وإلى الجبل المقابل عند الكنيسة الجثمانية وهو مخطط كبير جداً، وكلفوا مهندسين من اليهود يقومون بإعداد خرائط لمسارات الباصات والحجاج اليهود في القدس”.
(دنيا الوطن)